قوله:"كنا لا نَعُدُّ" تعني في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع علمه بذلك، وتقريره له، وبهذا يُعْطَى الحديث حكم الرفع، وهو مصَّير من البخاري إلى أن مثل هذه الصيغة يُعدُّ في المرفوع، ولو لم يصرِّح الصحابي بذكر زمنه عليه الصلاة والسلام، وبهذا جزم الحاكم وغيره خلافًا للخطيب.
وقوله:"شيئًا" أي: من الحيض إذا كان في غير زمنه، أما فيه فهما من الحيض. ولأبي داود، عن قَتادة، عن حَفْصة، عن أم عَطِية:"كُنّا لا نعدُّ الكُدرة والصُّفرة بعد الطُّهر شيئًا"، وهو موافق لما تَرْجَمَ به البخاري.
وبهذا التفصيل قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والليث، وأبو حنيفة، ومحمد، والشافِعِي، وأحمد. وأما مالك، فمشهور مذهبه أنهما حيض مطلقًا في غير زمن الحيض وفي زمنه. وقيل: إنهما لغوٌ مطلقًا، وقيل: إن كانتا في أيام الحيض فحيضٌ، وإلا فاستِحاضة، وتأوَّلَ حديثَ أم عطية على أن معناه: لا نعدُّهما شيئًا من علامات الطُّهر كالقَصَّة، بل هما من أنواع الدم.
[رجاله خمسة]
الأول: قُتيبة بن سعيد، وقد مرَّ في الثاني والعشرين من كتاب الإيمان. ومرَّ إسماعيل بن عُلَيّة في الثامن منه. ومرَّ أيوب السَّحْتياني في التاسع منه أيضًا، ومرَّ محمد بن سِيرين في الحادي والأربعين من كتاب الإيمان أيضًا. ومرَّت أم عطية في الثاني والثلاثين من كتاب الوضوء.