قال الزين بن المنير: المراد بالسنة ما شرعه النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها، فهو أعم من الواجب والمندوب، ومراده بما ذكره هنا من الآثار والأحاديث، أن لها حكم غيرها من الصلوات والشرائط والأركان، وليست مجرد دعاء، فلا تجزىء بغير طهارة مثلًا، وسيأتي في أواخر الباب بسط ذلك. ثم قال: وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صلّى على جنازة" .. هذا طرفٌ من حديث يأتي موصولًا بعد باب بلفظ "مَنْ شهد الجنازة"، وهذا اللفظ عند مسلم من وجه آخر عن أبي هريرة، ومن حديث ثوبان أيضًا.
ثم قال: وقال: "صلوا على صاحبكم"، وهذا طرف من حديث لسلمة بن الأكوع، يأتي موصولًا في أوائل الحُوالة، أوَّله "كنا جلوسًا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أُتِيَ بجنازة، فقالوا: صل عليها، وقال: هل عليه دَيْنٌ .. الحديث".
ثم قال: وقال: صلوا على النجاشيّ، سماها صلاةً ليس فيها ركوع، ولا سجود ولا يتكلم فيها، وفيها تكبير وتسليم. وهذا قد مرَّ في باب الصفوف على الجنازة. وقوله: سماها صلاة، أي: يشترط فيها ما يشترط في الصلاة، وإن لم يكن فيها ركوع ولا سجود، فإنه لا يتكلم فيها، ويكبر فيها ويسلم منها بالاتفاق، وإن اختلف في عدد التكبير والتسليم، كما مرَّ ذلك مستوفى في باب الإِذن بالجنازة.
ثم قال: وكان ابن عمر لا يصلي إلا طاهرًا، ولا يصلي عند طلوع الشمس ولا غروبها، وهذا وصله مالك في الموطأ عن نافع بلفظ "إن ابن عمر كان يقول: لا يصل الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر" ومرَّ ابن عمر في أول الإِيمان قبل ذكر حديث منه.
وقوله: ولا يصلى عند طلوع الشمس ولا غروبها، وهذا وصله سعيد بن منصور عن أيوب عن نافع قال: كان ابن عمر إذا سئل عن الجنازة بعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر، يقول: ما صلينا لوقتهما، "ما" في قوله "ما صلينا" ظرفية يدل عليه رواية مالك عن نافع قال: كان ابن عمر يصلي على الجنازة بعد الصبح والعصر إذا صلينا لوقتهما، ومقتضاه أنهما إذا أُخِّرتا إلى وقت الكراهة عنده، لا يصلي عليها حينئذ، ويبين ذلك ما رواه مالك أيضًا أن ابن عمر قال، وقد أُتي بجنازة بعد صلاة الصبح بغَلَس: إمّا أن تصلوا عليها وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس. فكان ابن