قوله: عن جابر، هكذا أخرجه البخاريّ بهذا السند عن جابر، وقال في الفتح: لم أره بعد التتبع الكثير في شيء من كتب الحديث، بهذا الإِسناد إلى جابر، إلا في البخاري. وقد عز على الإِسماعيلي مخرجه فأخرجه في مستخرجه من طريق البخاري، وأما أبو نعيم فأخرجه عن أبي الأشعث عن بشر بن المفضل فقال: عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن جابر.
وقال بعده: ليس أبو نضرة من شرط البخاريّ. قال: وروايته عن حسين من عطاء عزيزة جدًا، وطريق سعيد مشهورة عنه، أخرجها أبو داود وابن سعد والحاكم والطبرانيّ من طريقه عن أبي نضرة عن جابر، قال: واحتمل عندي أن يكون لبشر بن المفضل فيه شيخان إلى أن رأيته في المستدرك للحاكم.
أخرجه عن معاذ بن المثنى عن مسدد عن بشر، ما رواه أبو الأشعث عن بشر، وكذا أخرجه في الإِكليل بهذا الإِسناد إلى جابر، ولفظه ولفظ البخاريّ سواء، فغلب على الظن حينئذ أن في هذه الطريق وهمًا، لكن لم يتبين لي من هو، ولم أر من نبّه علي ذلك، وكأن البخاريّ استشعر بشيء من ذلك، فعقب هذه الطريق بما أخرجه عن ابن أبي، نَجيح عن عطاء عن جابر، مختصرًا، ليوضح أن له أصلًا من طريق عطاء عن جابر.
وقوله: ما أراني: هو بضم الهمزة، بمعنى الظن. وذكر الحاكم في المستدرك عن الواقديّ أن سبب ظنه ذلك منامٌ رآه أنه رأى مُبَشِّر بن عبد المُنذر، وكان ممن استشهد ببدر، يقول له: أنت قادم علينا في هذه الأيام، فقصها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: هذه الشهادة. وفي رواية أبي نضرة المذكورة عند ابن السكن عن جابر أن أبان قال له: إني مُعَرض نفسي للقتل الحديث، وقال ابن التين: إنما قال ذلك بناء على ما كان عزم عليه، وإنما قال "من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" إشارة إلى ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن بعض أصحابه سيقتل، كما سيأتي في المغازي إن شاء الله تعالى.