البسملة ساقطة عند ابن عساكر، لما فرغ المصنف من بيان الطهارة التي هي من شروط الصلاة، شرع في بيان الصلاة التي هي المشروطة، فلذلك أخرها عن الطهارات؛ لأن شرط الشيء يسبقه، وحكمه يعقبه، وقد مرَّ في الحديث الأول من الإيمان الكلامُ على اشتقاقها وحدها. وهي صلة بين العبد وربه، وجامعة لأنواع العبادات النفسانية والبدنية، من الطهارة، وستر العورة، وصرف المال فيها، والتوجه إلى الكعبة، والعكوف على العبادة، وإظهار الخشوع بالجوارح، وإخلاص النية بالقلب، ومجاهدة الشيطان، ومناجاة الحق، وقراءة القرآن، والنطق بالشهادتين، وكف النفس عن الأطيبين، وشرع المناجاة فيها سرًا وجهرًا، ليجمع للعبد فيها ذكر السر والعلانية.
فالمصلي في صلاته يذكر الله في ملأ الملائكة ومن حضر من الموجودين السامعين. وهو ما يجهر به من القراءة، فقد قال الله تعالى في الحديث الصحيح "إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه" وقد يريد بذلك الملائكة المقربين والكرويين خاصة الذين اختصهم لحضرته، وقد تكلمت على ما يتعلق بهذا الحديث في كتابي "متشابه الصفات" فلهذا الفضل شرع لهم الجهر بالقراءة، والسر في الصلاة. وقد مرَّ عند كتاب الإيمان وجه ترتيب البخاري لكتب أركان الإِسلام.
وذكر ابن حجر هنا وجه ترتيبه، لما اشتمل عليه كتاب الصلاة من الأنواع، فقال: بدأ أولًا بالشروط السابقة على الدخول في الصلاة، وهي الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة ودخول الوقت، ولما كانت الطهارة تشتمل على أنواع أفردها بكتاب، واستفتح كتاب الصلاة بذكر فرضيتها، لتعين وقته دون غيره من