ويسمى الركن الأسود، وهو في ركن الكعبة الذي يلي الباب من جانب المشرق، وارتفاعه من الأرض ذراعان وثلثا ذراع على ما قاله الأزرقي، وبينه وبين المقام ثمانية وعشرون ذراعًا، أورد في الباب حديث عمر في تقبيل الحجر، وكأنه لم يثبت عنده فيه على شرطه شيء غير ذلك، وقد وردت فيه أحاديث منها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا:"أن الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما" ولولا ذلك لأضاءا ما بين المشرق والمغرب" أخرجه أحمد والترمذي، وصححه ابن حبان، وفي إسناده رجى أبو يحيى، وهو ضعيف، قال الترمذي: حديث غريب، ويروى عن عبد الله بن عمرو موقوفًا، وقال أبو حاتم: وقفه أشبه، والذي رفعه ليس بقوي، ومنها حديث ابن عباس مرفوعًا، وصححه الترمذي: "نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضًا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم" وفيه عطاء بن السائب، وهو صدوق، لكنه اختلط، وجرير ممن سمع منه بعد اختلاطه، لكن له طريق أخرى في "صحيح ابن خزيمة"، فيقوى بها، وقد رواه النسائي عن حماد بن سلمة، عن عطاء مختصرًا، ولفظه: الحجر الأسود من الجنة، حماد ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط، وفي "صحيح ابن خزيمة" أيضًا عن ابن عباس مرفوعًا: إن لهذا الحجر لسانًا وشفتين يشهدان لمن استلمه يوم القيامة بحق.
وصححه أيضًا ابن حبان والحاكم، وله شاهد عن أنس عند الحاكم أيضًا، وقد اعترض بعض الملحدين على الحديث الماضي، فقال: كيف سودته خطايا المشركين، ولم تبيضه طاعات أهل التوحيد، وأجيب بما قال ابن قتيبة: لو شاء الله لكان ذلك، وإنما أجرى الله العادة بأن السواد يصبغ ولا ينصبغ على العكس من البياض، وقال المحب الطبري: في بقائه أسود عبرة لمن له بصيرة، فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر الصلد، فتأثيرها في القلب أشد، وقد روى الحميدي في فضائل مكة بإسناد ضعيف عن ابن عباس: إنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة، فإن ثبت فهذا هو الجواب، وإنما أذهب الله نور الحجر والمقام ليكون إيمان الناس بكونهما حقًا إيمانًا بالغيب، ولو لم يطمس لكان الإيمان بهما إيمانًا