قوله:"إذا صلى بالغداة" أي: صلى الصبح بوقت الغداة، وللكشميهني: إذا صلى الغداة، أي: الصبح، وقوله:"فرحلت" بالتخفيف مبنيًا للمجهول، وقوله:"واستقبل القبلة قائمًا" أي: مستويًا على ناقته أو وصفه بالقيام لقيام ناقته، وقد جاء في الرواية الثانية بلفظ:"فإذا استوت به راحلته قائمة، وفهم الداودي من قوله: "استقبل القبلة قائمًا"، أي: في الصلاة، فقال: في السياق تقديم وتأخير، فكانه قال: أمر براحلته فرحلت، ثم استقبل القبلة قائمًا، أي: فصلى صلاة الإحرام، ثم ركب، حكاه ابن التين، قال: وإن كان ما في الأصل محفوظًا فلعله لقرب إهلاله من الصلاة. أ. هـ.
ولا حاجة إلى دعوى التقديم والتأخير، بل صلاة الإِحرام لم تذكر هنا، والاستقبال إنما وقع بعد الركوب، وقد رواه ابن ماجه وأبو عوانة في صحيحه عن نافع بلفظ: كان إذا أدخل رجله في الغرز واستوت به ناقته قائمًا، أهلَّ.
وقوله: "ثم يمسك"، الظاهر أنه أراد: يمسك عن التلبية، وكأنه أراد بالحرم المسجد، والمراد بالإِمساك عن التلبية التشاغل بغيرها من الطواف وغيره لا تركها أصلًا، وقد روى ابن خزيمة في صحيحه عن عطاء، قال: كان ابن عمر يدع التلبية إذا دخل الحرم، ويراجعها بعدما يقضي طوافه بين الصفا والمروة، وأخرج نحوه عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر، قال الكرماني: يحتمل أن يكون مراده بالحرم مني، فيوافق الجمهور في استمرار التلبية حتى يرمي جمرة العقبة، لكن يشكل عليه قوله في رواية إسماعيل ابن عُلية إذا دخل أدنى الحرم،