وفيه مشروعية تقبيل الولد وشمه، وليس فيه دليل على فعل ذلك بالميت, لأن هذه القصة إنما وقعت قبل موت إبراهيم عليه السلام، نعم، روى أبو داود وغيره أنه عليه الصلاة والسلام قبّل عثمان بن مظعون بعد موته، وصححه التِّرمذيّ، وروى البخاريّ أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه قبّل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته، فلأصدقائه وأقاربه تقبيله.
وفيه مشروعية الرضاع، وعيادة الصغير, والحضور عند المحتضر، ورحمة العيال. وفيه وقوع الخطاب للغير وإرادة غيره بذلك، وكل منهما مأخوذ من مخاطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولده، مع أنه في تلك الحالة لم يكن ممن يفهم الخطاب، لوجهين: أحدهما صغره، والثاني. نزاعه. وإنما أراد بالخطاب غيره من الحاضرين، إشارة إلى أن ذلك لم يدخل في نهيه السابق. وفيه جواز الاعتراض على من خالف فعله ظاهر قوله ليظهر الفرق.
[رجاله خمسة]
وفيه ذكر إبراهيم بن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعبد الرحمن بن عوف وأبي سيف القَيْن، مرَّ محل ثابت وأنس في الذي قبله، ومرَّ عبد الرحمن بن عوف في السابع والخمسين من الجمعة، ومرَّ إبراهيم ابن النبيّ عليه الصلاة والسلام في الرابع من الكسوف، والباقي ثلاثة من السند.
وأبو سيف المذكور في المتن الأول: الحسن بن عبد العزيز بن الوزير بن صابىء بن مالك بن عامر بن عَدِيّ بن حَمْرَش الجُذَاميّ الجَرَويّ، أبو علي المصريّ، نزيل بغداد. لجده صحبة، قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي، وهو ثقة، وسُئل عنه أبي فقال: ثقة، وقال الدارقطنيّ: لم ير مثله فضلًا وزهدًا.
وقال الخطيب: كان من أهل الدين والفضل، مذكورًا بالورع والثقة، موصوفًا بالعبادة. وقال البزّار: كان ثقة مأمونًا، وقال الحاكم: كان من أعيان المحدثين الثقات، وقال الدارقطنيُّ أيضًا: الجَرَويّ فوق الثقة جبل. وقال ابن يونس: كانت له عبادة وفضل، وكان من أهل الورع والفقه، وقال عبد المجيد بن عثمان: كان صالحًا ناسكًا، وكان أبو مَلكًا على تَنِّيس، ثم أخوه عليّ، ولم يقبل الحسن شيئًا من إرث أبيه، وكان يُقْرَن بقارون في اليسار، وليس له عند البخاري سوى هذا الحديث، وحديثين آخرين في التفسير.
روى عن يحيى بن حسّان وأبي مسهر وعمرو بن سَلَمة وغيرهم. وروى عنه البخاريّ وابن ابنه جعفر بن محمد وإبراهيم الحربيّ وغيرهم. حمل من مصر إلى العراق بعد قتل أخيه عليّ إلى أن مات بها سنة سبع وخمسين ومئتين. والجَرَويّ في نسبه بالتحريك نسبة إلى جَرِيّ بن عوف، بطن