هذا وثبت أن معاوية كان حنيئذٍ معه، أو كان بمكة فقصر عنه بالمروة، أمكن الجمع بأن يكون معاوية قصر عنه أولًا، وكان الحلاق غائبًا في بعض حاجته، ثم حضر فأمره أن يكمل إزالة الشعر بالحلق، لأنه أفضل ففعل.
وإن ثبت أن ذلك كان في عمرة القضية، وثبت أنه عليه الصلاة والسلام حلق فيها، جاء هذا الاحتمال بعينه، وحصل التوفيق بين الأخبار كلها، وقال ابن حزم: يحتمل أن يكون معاوية قصر عن رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقية شعر لم يكن الحلاق استوفاه يوم النحر، وتعقب هذا بأن الحالق لا يبقي شعرًا يقصر منه، ولاسيما وقد قسم -صلى الله عليه وسلم- شعره بين الصحابة، الشعرة والشعرتين، وأيضًا فهو عليه الصلاة والسلام لم يسع بين الصفا والمروة إلاَّ سعيًا واحدًا في أول ما قدم، فماذا يصنع عند المروة في العشر، في رواية قيس بن سعد المتقدمة، وهي شاذة، وقد قال قيس بن سعد عقبها: والناس ينكرون ذلك، ورجح النووي كونه في الجعرانة، وصوبه المحب الطبري وابن القيم وفيه نظر؛ لأنه جاء أنه حلق في الجعرانة.
وقوله:"بمشقص" بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح القاف، وآخره صاد مهملة، قال القزاز: هو فصل عريض يرمى به الوحش، وقال صاحب المحكم: هو الطويل من النصال، وليس بعريض، وكذا قال أبو عبيدة.
[رجاله ستة]
قد مرّوا: مرَّ أبو عاصم في أثر بعد الرابع من العلم، ومرَّ معاوية في الثالث عشر منه، ومرَّ ابن جريج في الشاك من الحيض، ومرَّ الحسن بن مسلم في التاسع والعشرين من الغسل، وطاووس بعد الأربعين من الوضوء في باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين، ومرَّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي.
رواته كلهم مكيون، سوى شيخه، فإنه بصري.
وفيه رواية الصحابي عن الصحابي، وهذا الحديث أخرجه مسلم.