للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب الجِلال للبدن

أي: بالكسر وتخفيف اللام جمع جل بضم الجيم وهو ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه ثم قال: كان ابن عمر رضي الله تعالى عنه لا يشق من الجلال إلا موضع السنام وإذا نحرها نزع جلالها مخافة أن يفسدها الدم ثم يتصدق بها، وهذا التعليق وصل بعضه مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يشق جلال بدنه وعن نافع أن ابن عمر كان يجلل بدنه القباطي والحلل ثم يبعث بها إلى الكعبة فيكسوها إياها، وعن مالك أنه سأل عبد الله بن دينار ما كان ابن عمر يصنع بجلال بدنه حين كسيت الكعبة هذه الكسوة فقال: كان يتصدق بها، وقال البيهقي: بعد أن أخرجه عن يحيى بن بكير عن مالك زاد فيه غيره عن مالك إلا موضع السنام إلى آخر الأثر المذكور قال المهلب: ليس التصدق بجلال البدن فرضًا، وإنما صنع ذلك ابن عمر؛ لأنه أراد أن لا يرجع بشيء أهل به لله ولا بشيء أضيف إليه وفائدة شق الجل من موضع السنام ليظهر الإشعار لئلا يستتر ما تحتها.

وروى ابن المنذر عن نافع أن ابن عمر كان يجلل بدنه الأنماط والبرود والحبر حتى يخرج من المدينة، ثم ينزعها فيطويها حتى يكون يوم عرفة فيلبسها إياها حتى ينحرها فيتصدق بها. قال نافع: وربما دفعها إلى بني شيبة وما في هذه الأحاديث من إستحباب التقليد والإشعار وغير ذلك يقتضي أن إظهار التقرب بالهدي أفضل من إخفائه والمقرر أن إخفاء العمل الصالح غير الفرض أفضل من إظهاره فإما أن يقال إن أفعال الحج مبنية على الظهور كالإحرام والطواف والوقوف فكان الإشعار والتقليد كذلك فيخص الحج من عموم الإخفاء، وإما أن يقال لا يلزم من التقليد والإشعار إظهار العمل الصالح؛ لأن الذي يهديها يمكن أن يبعثها مع من يقلدها ويشعرها ولا يقول إنها لفلان فتحصل سنة التقليد مع كتمان العمل وأبعد من استدل بذلك على أن العمل إذا شرع فيه صار فرضًا، وإما أن يقال إن التقليد جعل علمًا لكونها هديًا حتى لا يطمع صاحبها في الرجوع فيها.

وابن عمر مرَّ في أول الإيمان قبل ذكر حديث منه.

[الحديث الخامس والثمانون والمائة]

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ رضي الله عنه قَالَ: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلاَلِ الْبُدْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>