أي: مشروعيتها، وهي من المسائل المختلف فيها، ونقل ابن المنذر عن ابن مسعود والحسن بن علي وابن الزبير والمُسَوّر بن مَخْرَمة مشروعيتها، وبه قال الشافعيّ وأحمد وإسحاق، ونُقل عن أبي هُريرة وابن عمر: ليس فيها قراءة، وهو قول مالك، والكوفيين وفيهم أبو حنيفة. وكان عمر لا يقرأ فيها، وينكر على من يقرأ، وكذا علي بن أبي طالب.
قال مالك: قراءة الفاتحة ليس معمولًا بها في بلدنا في صلاة الجنازة. وقال ابن مسعود: لم يؤقت فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- قولًا ولا قراءة، ولأن ما لا ركوع فيه لا قراءة فيه، كسجود التلاوة، واستدل الطحاويّ على ترك القراءة في الأولى بتركها في باقي التكبيرات، وبترك التشهد. وقال: لعل قراءة من قرأ الفاتحة من الصحابة كان على وجه الدعاء، لا على وجه التلاوة.
ثم قال: وقال الحسن: يقرأ على الطفل بفاتحة الكتاب، يقول: اللهم اجعله لنا سلفًا وفَرَطًا وأجرًا، وروى عبد الرزاق والنَّسائيّ عن أبي أُمامة بن سَهل بن حُنيف قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر ثم يقرأ بأم القرآن، ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يخلص الدعاء للميت، ولا يقرأ إلا في الأولى، وإسناده صحيح.
وقوله: سَلَفا، بتحريك اللام، أي متقدمًا إلى الجنة لأجلنا. وقوله: فرَطَا بالتحريك، وهو الذي يتقدم الواردة فَيُهَيِّىء لهم أسباب النزول.
وأثر الحسن هذا وصله عبد الوهاب بن عطاء في كتاب الجنائز له، عن سعيد بن أبي عَروبة، والحسن هو البصريّ، وقد مرَّ في الرابع والعشرين من الإِيمان.