للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثامن والستون]

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَالَّذِى ذَهَبَ بِهِ مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ، وَمَا لَقِىَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنِ الصَّلاَةِ، وَكَانَ يُصَلِّي كَثِيرًا مِنْ صَلاَتِهِ قَاعِدًا، تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّيهِمَا، وَلاَ يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِهِ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ.

قوله في هذه الرواية: "والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله"، وفي الرواية الثانية: "ما ترك السجدتين بعد العصر عندي قط"، وفي الثالثة: "لم يكن يدعهما سرًا ولا علانية"، وفي الرابعة: "ما كان يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلَّى ركعتين". تمسك بهذه الروايات من أجاز التنفل بعد العصر مطلقًا ما لم يقصد الصلاة عند غروب الشمس، وقد مرَّ ما قيل في ذلك، وأجاب عنه من أطلق الكراهة بأن فعله هذا يدل على جواز استدراك ما فات من الرواتب من غير كراهة، وأما مواظبته صلى الله تعالى عليه وسلم فهو من خصائصه. والدليل عليه ما رواه أبو داود عن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يُصلي بعد العصر، وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوِصال. وما رواه مسلم عن عائشة في نحو هذه القصة، وفي آخره: "وكان إذا صلَّى صلاةً أثبتها". قال البيهقيّ: الذي اختص به صلى الله تعالى عليه وسلم المداومة على ذلك، لا أصل القضاء.

قلت: القضاء إنما أُخذ من هذا الفصل الذي فيه المداومة، فأين الحديث الدال على أصل القضاء؟ وأخرج الطحاويّ، واحتج به على أن ذلك كان من خصائصه صلى الله تعالى عليه وسلم، عن ذَكوان، عن أم سلمة، أنها قالت:

<<  <  ج: ص:  >  >>