أي: وجوب السعي بينهما مستفاد من كونهما جعلا من شعائر الله، قاله ابن المنير.
وقوله:"وجعل على صيغة المجهول، أي: جعل وجوب السعي بين الصفا والمروة، وفي نسخة: وجعلا، أي: الصفا والمروة، وتمام هذا تفسير أهل اللغة للشعائر، قال الأزهري: الشعائر المقالة التي ندب الله إليها وأمر بالقيام عليها، وقال الجوهري: الشعائر أعمال الحج، وكل ما جعل عملًا لطاعة الله ويمكن أن يكون الوجوب مستفادًا من قول عائشة: ما أتم الله حج امرىء ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة، وهو في بعض طرق حديثها المذكور في هذا الباب عند مسلم، واحتج ابن المنذر للوجوب بحديث صفية بنت شيبة، عن حبيبة بنت أبي تجراه بكسر المثناة وسكون الجيم بعدها راء، ثم ألف ساكنة، ثم هاء، وهي إحدى نساء بني عبد الدار، قالت: دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي حسين، فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسعى وإن مئزره ليدور من شدة السعي، وسمعته يقول: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي"، أخرجه الشافعي وأحمد وغيرهما.
وفي إسناد هذا الحديث عبد الله بن المؤمل، وفيه ضعف، ومن ثم قال ابن المنذر: إن ثبت فهو حجة في الوجوب، وله طريق أخرى في "صحيح ابن خزيمة" مختصرة، وعند الطبراني عن ابن عباس كالأولى، وإذا انضمت إلى الأولى قويت، واختلف على صفية بنت شيبة في اسم الصحابية التي أخبرتها به، ويجوز أن تكون أخذته عن جماعة، فعند الدارقطني، عنها، أخبرتني نسوة من بني عبد الدار فلا يضره الاختلاف، والعمدة في الوجوب قوله عليه الصلاة والسلام: "خذوا عني مناسككم".
واستدل بعضهم بحديث أبي موسى في إهلاله المتقدم وفيه: طف بالبيت وبين الصفا والمروة، واختلف أهل العلم في هذا، فالجمهور قالوا: هو ركن لا يتم الحج بدونه، وعن أبي حنيفة: واجب يجبر بالدم، وبه قال الثوري في الناسي لا في العامد، وبه قال عطاء، وعنه: أنه سنة لا يجب بذكر شيء، وبه قال أنس فيما نقله ابن المنذر، واختلف عن أحمد