فيه التحديث بالجمع والعنعنة، أخرجه البخاريُّ أيضًا في الأدب والنذور، ومسلم في الإِيمان, وأبو داود في الإِيمان والنذور، وكذا التِّرمذِيّ والنَّسائيّ وابن ماجه في الكفارات.
وقال البخاري في هذا الحديث: قال حجّاج بن مُنهال: حدثنا جرير بن حازم، وقد وصله في ذكر بني إسرائيل فقال: حدثنا محمد: حدثنا حجاج بن مُنهال، فذكره. وهو أحد المواضع التي يستدل بها على أنه ربما علق عن بعض شيوخه ما بينه وبينه، فيه واسطة، لكنه أورده هنا مختصرًا، وأورده هناك مبسوطًا، فقال في أوله "كان فيمن كان قبلكم رجل" وقال فيه: فجزع فأخذ سكينًا فجز يده، فما رقأ الدمُ، حتى مات.
قوله: في هذا المسجد، هو مسجد البصرة، وقوله: وما نسينا منذ حدثنا، أشار بذلك إلى تحققه لما حدث به، وقرب عهده به، واستمرار ذكره له، وقوله: وما نخاف أن يكذب جُنْدبُ، فيه إشارة إلى أن الصحابة عُدول، وأن الكذب مأمون من قبلهم، ولاسيما على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقوله: كان برجل جراح، قال في "الفتح": لم أقف على اسمه، والجراح، بكسر الجيم، وفي الرواية المذكورة بضم الجيم وسكون الراء بعدها مهملة، وفي رواية مسلم "أن رجلًا خرجت به قَرْحَة، وهي بفتح القاف وسكون الراء، حبَّة تخرج في البدن، وكأنه كان به جرح ثم صار قَرحة.
وقوله: قتل نفسه، في الرواية التامة المذكورة "فجزع فأخذ سكينًا، فحزّ بها يده، فما رقأ الدم حتى مات" قوله: فجزع، أي: فلم يصبر على ألم تلك القرحة. السكين، تذكر وتؤنث، وقوله: حزّ بالحاء المهملة والزاي، هو القطع بغير إبانة. وفي رواية مسلم "فلما آذته انتزع سهمًا من كِنانته، فنكأها" وهو بالنون والهمز، أي: نَخَس موضع الجرح، ويمكن الجمع بأن يكون فجر الجرح بذُبابة السهم، فلم ينفعه، فحز موضعه بالسكين.
ودلت رواية البخاريّ على أن الجرح كان بيده، وقوله: فما رقأ الدم، بالقاف والهمز، أي: لم ينقطع. وقوله: قال الله عَزَّ وَجَلَّ "بادرني عبدي بنفسه" هو كناية عن استعجال المذكور الموت. وقوله: حرمت عليه الجنة، جارٍ مجرى التعليل للعقوبة, لأنه لما استعجل الموت بتعاطي سببه من