وهذا أصرح في مطابقة الترجمة من الذي قبله؛ لقوله فيه "فلما انصرف" قوله عن زيد بن خالد لم يختلف على صالح في ذلك، وخالفه الزهري فرواه عن شيخهما عبيد الله عن أبي هريرة. أخرجه مسلم عقب رواية صالح فصحح الطريقين؛ لأن عبيد الله سمع من زيد بن خالد وأبي هريرة جميعًا عدة أحاديث منها حديث العسيف وحديث الأَمة إذا زنت فلعله سمع منهما هذا فحدّث به تارة عن هذا وتارة عن هذا، وإنما يجمعهما لاختلاف لفظهما كما نشير إليه وقد صرّح صالح بسماعه له من عبيد الله عن أبي عوانة، وروى صالح عن عبيد الله بواسطة الزهري عدة أحاديث منها ابن عباس في شاة ميمونة كما مرّ في الطهارة وحديثه عنه في قصة هرقل كما مرّ في بدء الوحي.
وقوله:"صلّى لنا" أي (لأجلنا) أو اللام بمعنى الباء أي: صلى (بنا) وفيه جواز إطلاق ذلك مجازًا وإنما الصلاة لله تعالى. وقوله:"بالحديبية" بالمهملة والتصغير وتخفيف يائها وتثقل وقال ابن المديني الحجازيون يخففون الياء، والعراقيون يشددونها وأكثر المحدثين يشددونها وهي قرية على مرحلة من مكة. قيل سميت ببير هناك، وقيل سميت بشجرة هناك حدباء بعضها في الحل وبعضها في الحرم وهي أبعد أطراف الحرم عن البيت.
وقوله:"على إثر" بكسر الهمزة وسكون المثلثة على المشهور وهو ما يعقب الشيء. وقوله:"سماء" أي: مطر وأطلق عليه سماء؛ لأنه ينزل من جهة السماء وكل جهة علو تسمى سماء. وقوله:"كانت من الليل" كذا للأكثر وللمستملي والحموي من الليلة بالإِفراد.
وقوله:"فلما انصرف من صلاته أو من مكانه"، وقوله:"هل تدرون" لفظ استفهام معناه التنبيه وفي رواية سفيان عن صالح عند النسائي "ألم تسمعوا ما قال ربُّكم الليلة". وهذا من الأحاديث