قوله: حدّثنا قتادة فيه ردّ لما قاله ابن عدي في الكامل من أن بين سعيد بن أبي عروبة وقتادة رجلًا فأعلّ به الحديث. وقد أخرجه عبد الأعلي بن عبد الأعلى عن سعيد -وهو من أثبت أصحابه- وليس بقادح فيه رواية عبد الرزاق له عن معمر عن قتادة مرسلًا لم يذكر أنسًا لأن سعيدًا أعلم بحديث قتادة من معمر، وقد تابعه همّام على وصله عن قتادة.
وقوله: ما بال أقوام أي: ما حالهم وشأنهم يرفعون أبصارهم. وقد بيّن ابن ماجه سبب هذا الحديث ولفظه: صلّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا بأصحابه، فلمّا قضى الصلاة أقبل عليهم بوجهه فذكره. وإنّما لم يبيّن الرافع من هو لئلا ينكسر خاطره إذ النصيحة على رؤوس الأشهاد فضيحة.
وقوله: في صلاتهم، زاد مسلم عن أبي هريرة عند الدعاء. فإن حمل المطلق على هذا المقيّد اختصاص الكراهة بالدعاء الواقع في الصلاة. وقد أخرجه ابن ماجه وابن حبّان عن ابن عمر بغير تقييد ولفظه لا ترفعوا أبصاركم في السماء يعني: في الصلاة. وأخرجه مسلم عن جابر بن سمرة بغير تقييد أيضًا، والطبراني عن أبي سعيد الخدري وكعب بن مالك. وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين: كانوا يلتفتون في صلاتهم حتى نزلت {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} فأقبلوا على صلاتهم ونظروا أمامهم، وكانوا يستحبّون أن لا يجاوز بصر أحدهم موضع سجوده. وصله الحاكم بذكر أبي هريرة فيه، ورفعه إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وقال في آخره: فطأطأ رأسه.
واعترض العيني على صاحب الفتح قوله السابق. فإن حمل المطلق على هذا المقيد اقتضى اختصاص الكراهة بالدعاء الواقع في الصلاة. فقال: ليس الأمر كذلك، بل المطلق يجري على إطلاقه والمقيد على تقييده، والحكم عام سواء كان رفع بصره في الصلاة عند الدعاء أو بدون الدعاء.