وقوله:"التهجير"، أي: التبكير إلى الصلاة. قاله الهَرَويّ وحمله الخَليل وغيره على ظاهره، فقالوا: المراد الإتيان إلى صلاة الظهر في أول الوقت؛ لأن التهجير مشتق من الهاجرة، وهي شدة الحر نصف النهار، وهو أول وقت الظهر، وإلي ذلك مال المصنف لما سيأتي عنه، ولا يرد على ذلك مشروعية الإبراد، لأنه أريد به الرفق، وأما من ترك قائلته وقصد المسجد لينظر الصلاة، فلا يخفى ما له من الفضل.
وقوله:"لاستبقوا إليه"، قال ابن أبي جمرة: المراد بالاستباق معنىً لا حِسًّا؛ لأن المسابقة على الأقدام حسًا تقتضي السرعة في المشي، وهو ممنوع منه. وقوله:"لأتوهما ولو حبوًا"، أي: لو يعلمون ما فيها من مزيد الفضل لأتوهما، أي: الصلاتين. والمراد: لأتوا إلى المحل الذي يصليان فيه جماعة، وهو المسجد، ولو حبوًا، أي: يزحفون إذا منعهم مانع من المشي لما يزحف الصغير. ولابن أبي شيبة عن أبي الدرداء:"ولو حبوًا على المرافق والركب".
وقد روى مسلم في فضل الصف الأول:"خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرّها أوّلها". وفي "الأوسط" للطبرانيّ: "استَغْفَر عليه الصلاة والسلام للصف الأول ثلاث مرات، وللثاني مرتين، وللثالث مرة". وعند مسلم عن جابر بن سمرة:"ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربها، يتمون الصف الأول"، وعند ابن ماجه، عن عائشة رضي الله تعالى عنها:"لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله إلى النار"، وعن عبد الرحمن بن عوف:"أن الله وملائكته يصلُّون على الصف الأول"، وعند ابن حبان، عن البراء بن عازب:"أن الله وملاتكته يصلُّون على الصف الأول".
[رجاله خمسة]
الأول: عبد الله بن يوسف، والثاني: مالك، وقد مرّا في الثاني من بدء الوحي.
الثالث: سُمَيّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هِشام