وقوله: "فكساها عمر أخًا له (بمكة) مشركًا" زاد عبيد الله العمري عند النسائي: "أخًا له من أُمه". ويأتي في البيوت عن ابن عمر "فأرسل بها عمر إلى أخٍ له من أهل (مكة) قبل أن يسلم". قال النووي: هذا يشعر بأنه أسلم بعد ذلك، ويحتمل أن يكون قوله: قبل أن يسلم لا مفهوم له، بل المراد أن البعث إليه كان في حال كفره مع قطع النظر عمّا وراء ذلك. وقد قال الدمياطي: هو أخو زيد بن الخطاب لأُمه، فمن أطلق عليه أنه أخو عمر لأُمه لم يصب.
قال في "الفتح": بل له وجه بطريق المجاز، ويحتمل أن يكون عمر ارتضع من أُم أخيه زيد، فيكون عثمان أخا عمر لأُمه من الرضاع، وأخا زيد لأُمه من النسب. وفي حديث جابر الذي أوله: "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلّى في قَباء حرير ثم نزعه فقال: نهاني عنه جبريل" كما مرّ التنبيه عليه في أوائل كتاب "الصلاة" في باب مَنْ صلّى في فَرُّوْج حرير زيادة عند النسائي وهي: "فأعطاه لعمر فقال: لم أعطكه لتلبسه بل لتبيعه فباعه عمر" وسنده قوي. وأصله في مسلم.
قال في "الفتح": فإن كان محفوظًا أمكن أن يكون عمر باعه بإذن أخيه بعد أن أهداه.
قلت: هذا الإِمكان بعيد جدًا فكيف يبيعه عمر بالمدينة بعد أن أهداه إلى أخيه بمكة؟ وأهون من هذا أن تحمل القضية على التعدد.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، وفيه ذكر عطارد ولفظ أخ مبهم، مرّ عبد الله بن يوسف ومالك في الثاني من بدء الوحي، ومرّ نافع في آخر حديث من العلم، ومرّ عبد الله أوّل كتاب الإِيمان قبل ذكر حديث منه، ومرّ عمر في أول بدء الوحي. وأما عطارد فهو ابن حاجب بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي أبو عروة وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- واستعمله على صدقات بني تميم، ثبت ذكره في هذا الحديث وفي حديث مسلم، وروى الطبراني "أنه أهدى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ثوب ديباج كساه إياه كسرى، فدخل أصحابه فقالوا: نزل من السماء عليك؟ فقال: وما تعجبون من ذا لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا، قال أبو عبيدة: كان حاجب بن زرارة يقال له: ذو القوس، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما دعا على مضر بالقحط فأقحطوا ارتحل حاجب إلى كسرى فسأله أن يأذن له أن ينزل حول بلاده، فقال: إنكم أهل غدر، فقال: أنا ضامن، فقال: ومَنْ لي بأن تفي؟ قال: أرهنك قوسي فأذن لهم في دخول الريف، فلما استسقت مضر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- دعا الله تعالى فرفع عنهم القحط، وكان حاجب مات فرحل عطارد بن حاجب إلى كسرى يطلب قوس أبيه فردها عليه وكساه حُلّة".
وذكر الواقدي في "المغازي" "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بشر بن سفيان العدوي على صدقات خزاعة فجمعوا له فمنعهم بنو تميم فبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم عُيينة بن حصن في خمسين فارسًا فأغار