أورد حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام كبّر في البيت ولم يصلّ فيه، واحتج به مع كونه يرى تقديم حديث بلال في إثباته الصلاة فيه عليه، ولا معارضة في ذلك بالنسبة إلى الترجمة لأن ابن عباس أثبت التكبير ولم يتعرض له بلال، وبلال أثبت الصلاة ونفاها ابن عباس، فاحتج المصنف بزيادة ابن عباس، وتقدم إثبات بلال على نفي غيره لأمرين إلى آخر ما مرَّ مستوفى عند ذكر هذا الحديث في باب قوله تعالى:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} أوائل كتاب الصلاة.
وقوله:"وفيه الآلهة" -أي: الأصنام-، وأطلق عليها الآلهة باعتبار ما كانوا يزعمون، وفي جواز إطلاق ذلك وقفة، والذي يظهر كراهيته، وكانت تماثيل على صور شتى، فامتنع النبي -صلى الله عليه وسلم- من دخول البيت وهي فيه لأنه لا يقر على باطل، ولأنه لا يحب فراق الملائكة، وهي لا تدخل بيتًا فيه صورة.
وقوله:"في أيديهما الأزلام" جمع زَلم، بفتح الزاي وضمها، وهي الأَقلام أو القداح، وهي أعواد نحتوها وكتبوا في أحدها: افعل، وفي الآخر: لا تفعل، وفي الثالث: غفل، أو: لا شيء، وقال الفراء: كان على الواحد: أمرني ربي، وعلى الثاني: نهاني ربي، وعلى الثالث: غفل؛ فإذا أراد أحدهم سفرًا أو حاجة أخرج واحدًا، فإن طلع الأمر فَعَلَ أو الناهي تَرَك، أو الغفل أعاد الضرب حتى يخرج له افعل أو لا تفعل، فكانت سبعة على صفة واحدة مكتوب عليها: لا. نعم. منهم. من غيرهم. ملصق. العقل. فضل العقل. وكانت بيد السادن، فإذا أرادوا خروجًا أو تزويجًا أو حاجة ضرب السادن، فإن خرج نعم ذهب، وإن