قوله:"عن مُوَرَّق" عند الإسماعيليّ "عن شعبة سمعت مورقًا" أخرج المصنف هذا الحديث وحديث أم هانىء في هذا الباب، واستشكل دخول هذا الحديث في هذه الترجمة. قال ابن بطّال: ليس هو من هذا الباب، وإنما يصح في باب "مَنْ لم يُصَلِّ الضحى"، وأظنه من غلط الناسخ، وقال ابن المنير: الذي يظهر لي أن البخاريّ لما تعارضت عنده الأحاديث نفيًا، كحديث ابن عمر هذا، وإثباتًا كحديث أبي هريرة في الوصية له أن يصلي الضحى -نَزَّل حديث النفي على السفر، وحديث الإثبات على الحضر. ويؤيد ذلك أنه ترجم لحديث أبي هريرة صلاة الضحى في الحضر، وتقدم عن ابن عمر أنه كان يقول: لو كنت مسبحًا في السفر لأتممت. قلت: هذا لا يصح، فلو كان مُنَزِّلًا لحديث النفي على السفر، ما ذكره في ترجمة إثبات صلاة الضحى. وأما حديث أم هانىء ففيه إشارة إلى أنها تصلي في السفر بحسب السهولة لفعلها، قلت: وهو موافق للترجمة.
وقال ابن رشيد: ليس في حديث أبي هريرة التصريح بالحضر، لكن استند ابن المنير إلى قوله فيه:"ونم على وتر" فإنه يفهم من كون ذلك في الحضر؛ لأن المسافر غالب أحواله الاستيفاز وسهر الليل، فلا يفتقر لإِيصاء على أن لا ينام إلا على وتر، وكذا الترغيب في صيام ثلاثة أيام، قال: والذي يظهر لي أن المراد باب "صلاة الضحى في السفر" نفيًا وإثباتًا، وحديث ابن عمر ظاهره نفي ذلك حضرًا وسفرًا، وأقل ما يحمل عليه نفي ذلك في السفر لما تقدم في باب "مَنْ لم يتطوع في السفر" عن ابن عمر قال: صحبت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فكان لا يزيد على ركعتين. قال: ويحتمل أن يقال لما نفى صلاتهما مطلقًا من غير تقييد بحضر ولا سفر، وأقل ما يتحقق حمل اللفظ عليه السفر، ويبعد حمله على الحضر، دون السفر -فحمل على السفر دون الحضر؛ لأنه المناسب للتخفيف، لما عرف من عادة ابن عمر أنه كان لا يتنفل في السفر نهارًا.
قلت: هذا الاحتمال لا يستقيم مع كون الترجمة بالإثبات، والحديث بالنفي، ثم قال: وأورد حديث أم هانىء ليبين أنها إذا كانت في السفر حالُ طمانينةٍ تشبه حالةَ الحضر، كالحلول بالبلد،