وقالت أُم سلمة: قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالطور وهذا التعليق ذكره أيضًا تعليقًا في الباب الآتي بعد هذا بلفظ: طفت وراء الناس والنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي ويقرأ بالطور. وأخرجه المصنف مسندًا في باب إدخال البعير المسجد للعلة آخر أبواب المساجد قبيل أبواب سترة المصلى، وتكلمنا عليه هناك. وأخرجه في مواضع من الحج وأورده هنا مستدلًا به للقراءة في الصبح. وفي الباب الآتي للجهر بقراءة صلاة الصبح وليس فيه بيان أن الصلاة حينئذ كانت الصبح ولكن تبين ذلك من رواية أخرى أوردها بعد أبواب عن هشام بن عروة عن أبيه بلفظ: إذا أُقيمت الصلاة للصبح فطوفي. وكذلك أخرجه الإسماعيليّ، وأما ما أخرجه ابن التين بلفظ: فقالت وهو يقرأ في العشاء الأخرة فشاذ، ولعله من سياق ابن لهيعة لأن ابن وهب رواه في "الموطأ" عن مالك فلم يعين الصلاة. كما رواه أصحاب مالك كلهم.
أخرجه الدارقطني في "الموطات" له من طرق كثيرة وإذا تقرر ذلك فابن لهيعة لا يحتج به إذا انفرد فكيف إذا خولف وعرف بذلك اندفاع الاعتراض الذي حكاه ابن التين عن بعض المالكية حيث أنكر أن تكون الصلاة المذكورة صلاة الصبح فقال: ليس في الحديث بيانها والأولى أن تحمل على النافلة؛ لأن الطواف يمتنع إذا كان الإِمام في صلاة الفريضة وهو رد للحديث الصحيح بغير حجة بل يستفاد من الحديث جوازه بل يستفاد منه التفصيل فنقول: إن كان الطائف يمر بين يدي المصلين فيمتنع، كما قال، وإلا فيجوز. وحال أُم سَلَمة الثاني لأنها طافت من وراء الصفوف، وقد مرّ الكلام على المرور بين يدي المصلى في المسجد الحرام مفصلًا في باب السترة بمكة وغيرها، ويستنبط منه أن الجماعة في الفريضة ليست فرضًا على الأعيان إلا أن يقال: إن أُم سَلَمة حينئذ كانت شاكية فهي معذورة أو الوجوب في حق الرجال، وقال ابن رشيد ليس في حديث أُم سَلَمة نص على ما ترجم له من الجهر بالقراءة إلا أن يؤخذ بالاستنباط من حيث إن قولها: طفت وراء الناس يستلزم الجهر بالقراءة؛ لأنه لا يمكن سماعها للقراءة من ورائهم إلا إنْ كانت جهرية ويستفاد منه إطلاق قرأ وإرادة جهر. ومرّت أُم سَلَمة في السادس والخمسين من العلم.