حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ.
هذا طرف من حديث طويل أخرجه المصنف في باب الشروط في الجهاد في كتاب الشروط من الوجه المذكور هنا، ولفظه في أواخر الحديث: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه:"قوموا فانحروا، ثم احلقوا" فذكر بقية الحديث، وفيه قول أم سلمة للنبي -صلى الله عليه وسلم- أخرج، ثم لا تكلم أحدًا منهم حتى تنحر بدنك، فخرج فنحر بدنه، ودعا، وعرف بهذا أن المصنف أورد القدر المذكور هنا بالمعنى.
وأشار بقوله في الترجمة "في الحصر" إلى أن هذا الترتيب يختص بحال من أحصر، وقد تقدم أنه لا يجب عليه في حال الاختيار في باب الفتيا على الدابة عند الجمرة، ولم يتعرض المصنف لما يجب على من حلق قبل أن ينحر، وروى ابن أبي شيبة عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: عليه دم، قال إبراهيم: حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله، فإن قلت: قوله تعالى {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} يقتضي تأخر الحلق عن النحر فكيف يكون متقدمًا أجيب بأن ذلك في غير الإحصار أما نحر هدي المحصر فحيث أحصر، وهناك قد بلغ محله فقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام تحلل بالحديبية، ونحر بها بعد الحلق، وهي من الحل لا من الحرم، وفي الحديث:"إن المحصر إذا أراد التحلل يلزمه دم يذبحه"، وقال المالكية: لا هدي عليه إذا تحلل، وهو مذهب ابن القاسم، وأجاب عن قوله تعالى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} بأن أحصر الرباعي في الحصر بالمرض، وحصر الثلاثي في الحصر بالعدو، قال القاضي: ونقل بعض أئمة اللغة يساعدهم، والحديث حجة عليهم لأنه نقل فيه حكم وسبب، فالسبب الحصر، والحكم النحر، فاقتضى الظاهر تعلق الحكم بذلك السبب، قاله ابن التيمي، وقد سبق البحث في أحصر وحصر.
[رجاله ستة]
قد مرّوا: مرَّ محمود بن غيلان في السابع والأربعين من مواقيت الصلاة، ومرَّ عبد الرزاق في الخامس والثلاثين من الإيمان، ومرَّ معمر في متابعة بعد الرابع من بدء الوحي، ومرَّ