قوله:"رجع ناس من أصحابه" وفي المغازي رجع ناس ممن خرج معه، يعني عبد الله بن أُبيّ ومن تبعه، وقد ورد ذلك صريحًا في رواية موسى بن عقبة في المغازي، وأن عبد الله بن أبيّ كان وافق رأيه رأي النبي -صلى الله عليه وسلم- على الإقامة بالمدينة، فلما أشار غيره بالخروج وأجابهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فخرج قال عبد الله بن أُبي لأصحابه: أطاعهم وعصاني علامَ نقتل أنفسنا، فرجع بثلث الناس، قال ابن إسحاق: فأتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر، -وكان خزرجيًا- كعبد الله بن أبي فناشدهم أن يرجعوا، فأبوا فقال: أبعدكم الله.
وقوله:"فنزلت: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} هذا هو الصحيح في سبب نزولها، وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي سعيد بن معاذ قال: نزلت هذه الآية في الأنصار، خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "من لي بمن يؤذيني" فذكر منازعة سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأسيد بن حضير، ومحمد بن مسملة قال: فأنزل الله هذه الآية، وفي سبب نزولها قول آخر؛ أخرجه أحمد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه: أن قومًا أتوا المدينة، فأسلموا، فأصابهم الوياء، فرجعوا، واستقبلهم ناس من الصحابة، فأخبروهم، فقال بعضهم: "نافقوا، وقال بعضهم: لا، فنزلت، أخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي سلمة مرسلًا فإن كان محفوظًا احتملب أن تكون نزلت في الأمرين معًا.
وقوله:"كما تنفي الرجال" كذا للأكثر، وللكشميهني: الدجال بالدال وتشديد الجيم؛ وهو تصحيف، وفي غزوة أحد تنفي الذنوب، وفي تفسير النساء: تنفي الخبث. وأخرجه في هذه المواضع كلِّها عن شعبة، وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي عن غندر، عن شعبة، باللفظ الذي أخرجه في التفسير عن غندر أثبت الناس في شعبة، وروايته توافق رواية جابر الذي قبله؛ حيث قال فيه: تنفي خبثها، وكذا أخرجه مسلم عن أبي هريرة بلفظ: تخرج الخبث، ومضى في أول فضائل المدينة عن أبي هريرة: تنفي الناس، والرواية التي هنا بلفظ: تنقي