للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثاني والستون]

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ.

قوله "حفظت عن" وفي رواية الكُشْميهنيّ "من" بدل "عن"، وهي أصرح في تلقيه من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بلا واسطة. وقوله "وعاءين" بكسر الواو والمد، تثنيه وعاء، وهو الظرف، أطلق المحل وأراد به الحالَّ، أي: نوعين من العلم، وبهذا يندفع ما قيل من أن هذا يعارض قوله في الحديث الماضي "كنت لا أكتب"، وإنما مراده أن محفوظه من الحديث لو كتب لملأ وعاءين، ويحتمل أن يكون أبو هُريرة أملى حديثه على من يثق به، فكتبه له وذهب به معه، أو تركه عنده، والأول أولى. ووقع في المسند عنه: حفظت ثلاثة أجربة بثثت منها جرابين، وليس هذا مخالفًا لحديث الباب؛ لأنه يحمل على أن أحد الوعاءين كان أكبر من الآخر، بحيث يجيء ما في الكبير في جرابين، وما في الصغير في واحد.

ووقع للرامهْرمَزيّ من طريق منقطعة عن أبي هريرة "خمسة أجْربة" وهو إن ثبت محمول على نحو ما تقدم، وعرف من هذا أن ما نشره من العلم أكثر مما لم ينشره، يعني من قوله في رواية المسند "بَثثتُّ منها جرابين" وقوله: "فبثثته" بموحدة ومثلثتين بعدهما مثناة فوقية، ودخلته الفاء لتضمن إما معنى الشرط، أي نشرته، وللأصيليّ: فبثثته في الناس. وقوله "قطع هذا البلعوم" وفي رواية "لَقُطِع". والبلعوم، بضم الباء مجرى الطعام في الحلق، وكُني به عن القتل، وهو المريء الأحمر، وعند الفقهاء الحلقوم، مجرى النَّفَس دخولًا وخروجًا والمريء مجرى الطعام والشراب، وهوتحت

<<  <  ج: ص:  >  >>