قوله يُظهر، بضم أوله من الرّباعي، وحزنَه منصوب على المفعولية، وقد مرَّ الكلام على هذه الترجمة عند الترجمة التي قبلها.
ثم قال: وقال محمد بن كعب القُرَظيّ: الجزع: القول السيء والظن السيء، وقال يعقوب عليه السلام:{إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} قوله السيء، بفتح المهملة وتشديد التحتانية بعدها همزة، والمراد به يبعث الحزن غالبًا، وبالظن السيء اليأس من تعويض الله المصاب في العاجل ما هو أنفع له من الفائت، أو الاستبعاد لحصول ما وعد به من الثواب على الصبر. وقد روى ابن أبي حاتم في تفسير سورة: سأل عن القاسم بن محمد كقول محمد بن كعب هذا.
وقوله: وقال يعقوب عليه السلام {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} قال الزين بن المنير: مناسبة هذه الآية للترجمة أن قول يعقوب لما تضمن أنه لا يشكو بتصريح، ولا تعريض، إلاَّ لله، وافق مقصود الترجمة، وكان خطابه بذلك لبنيه بعد قوله {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ}. والبث بفتح الموحدة بعدها مثلثة ثقيلة، شدة الحزن.
وهذا التعليق لم أقف عليه موصولًا، ومحمد هو ابن كعب بن سُليم بن أَسَد القُرَظِيّ أبو حمزة، أو أبو عبد الله المدنيّ من حلفاء الأوس، وكان أبوه من سَبي قُريظة، سكن الكوفة ثم المدينة. قال ابن سعد: كان ثقة عالمًا، كثير الحديث، ورعًا. وقال العجليّ: مدنيٌّ تابعيٌّ ثقة، رجل صالح، عالم بالقرآن. وجاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من طرق أنه قال:"يخرج من أحد الكاهنين رجل يدرس القرآن دراسة لا يدرسها أحد يكون بعده" قال ربيعة: فكنا نقول: هو محمد بن كعب. والكاهنان قُرَيظة والنَّضير.
وقال عون بن عبد الله: ما رأيت أحدًا أعلم بتأويل القرآن منه، وقال ابن حبّان: كان من أفاضل أهل المدينة علمًا وفقهًا، وكان يقص في المسجد فسقط عليه وعلى أصحابه سقفٌ فمات هو وجماعة معه تحت الهدم. وما نقل عن عتيبة من أنه ولد في حياته -صلى الله عليه وسلم-، لا أصل له، فإن الذي ولد في عهده هو أبوه، فقد روي أنه كان قريظة ممن لم يحتلم، ولم ينبت، فخلوا سبيله.