احتج بهذا الحديث جمهور المالكية، وأبو ثور، ومن مرّ عند الحديث السابق القائلون أن النجم لا سجود فيها، وجعلوه دالاً على نسخ السجود الواقع بمكة في والنجم؛ لأن هذا مدني. وحديث السجود مكي. وما مرَّ عند الترجمة من الأحاديث المذكور فيها السجود في سورة النجم لا يعارض هذا الحديث، لصحته عنها. وأجاب عنه القائلون بالسجود فيها: بأن ترك السجود فيها في هذه الحالة لا يدل على تركه مطلقًا؛ لاحتمال أن يكون السبب في الترك إذ ذاك إما لكونه كان بلا وضوء، أو لكون الوقت وقت كراهة، أو لكون القارىء كأن لم يسجد كما يأتي، أو ترك حينئذٍ لبيان الجواز. وهذا أرجح الاحتمالات، وبه جزم الشافعي؛ لأنه لو كان واجبًا لأمرة بالسجود ولو بعد ذلك. واتفق ابن أبي ذئب ويزيد بن خصيفة على هذا الإِسناد، على ابن قسيط، وخالفهما أبو صخرٍ فرواه عن ابن قسيط عن خارجة بن زيد عن أبيه. أخرجه أبو داود والطبراني، فإن كان محفوظًا حمل على أنَّ لابن قسيط فيه شيخين، وزاد أبو صخر في روايته، وصليت خلف عمر بن عبد العزيز، وأبي بكر بن حزم، فلم يسجدا فيها.
وقوله:"أنه سأل زيد بن ثابت" حذف المسؤول عنه ظاهر السياق يوهم أن المسؤول عنه السجود في النجم، وليس كذلك.
وقد بينه مسلم عن علي بن حجر وغيره عن إسماعيل بن جعفر بهذا الإِسناد فقال: سألت زيد بن ثابت عن القراءة مع الإِمام فقال: لا قراءة مع الِإمام في شيء، وزعم أنه قرأ النجم. الحديث. قال في "الفتح": فحذف المصنف الموقوف؛ لأنه ليس من غرضه في هذا المكان، ولأنه لا يخالف زيد بن ثابت في ترك القراءة خلف الإمام، وفاقًا لمن أوجبها من كبار الصحابة، تبعًا للحديث الصحيح الدال على ذلك. وفي هذا الكلام رد؛ لأن الظاهر أن المسؤول عنه السجود في النجم؛ لأن حسن تركيب الكلام أن يكون بعضه ملتئمًا بالبعض، ورواية البخاري هكذا تقتضي ذلك أو رواية عن قسيط عن عطاء بن يسار أنه أخبره أنه سأل زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه عن