للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب صلاة الضحى في الحضر]

قاله عَتبان بن مالك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، كأنه يشير إلى ما رواه أحمد عن محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، صلى في بيته سبحة الضحى، فقاموا وراءه، فصلّوا بصلاته. وأخرجه مسلم عن يونس مطولًا، لكنه ليس فيه ذكر السبحة، وأخرجه المصنف مطولًا ومختصرًا في مواضع. وقد مرّ الكلام عليه مستوفىً في باب المساجد في البيوت، ومرّ هناك عتبان بن مالك.

[الحديث السادس]

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِيُّ هُوَ ابْنُ فَرُّوخَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ.

قوله: "أوصاني خليلي"، الصديق الخالص الذي تخللت محبته القلب، فصارت في خلاله، أي: في باطنه، واختلف هل الخلة أرفع من المحبة أو العكس؟ وقوله: "أبي هريرة" هذا لا يعارضه ما تقدم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر"؛ لأن الممتنع أن يتخذ هو -صلى الله عليه وسلم- غير الله خليلًا، لا العكس ولا يقال: إن المخالة لا تتم حتى تكون من الجانبين؛ لأنا نقول: إنما نظر الصحابي إلى أحد الجانبين فأطلق ذلك، أو لعله أراد مجرد الصحبة أو المحبة.

وقوله: "لا أدعهن حتى أموت" يحتمل أن يكون قوله: "لا أدعهن" من جملة الوصية، أي: أوصاني لا أدعهن، ويحتمل أن يكون من إخبار الصحابي بذلك عن نفسه. وقوله: "صوم ثلاثة أيام" بالخفض بدل من قوله: ثلاث، ويجوز الرفع على أَنه خبر مبتدأ محذوف. وقوله: "من كل شهر" الذي يظهر أن المراد بها البيْض، ويأتي تفسيرها في كتاب الصوم. وقوله: "ونوم على وتر" في رواية أبي التَّيّاح في الصيام "وأن أَوتر قبل أنام". وفيه استحباب تقدم الوتر على النوم، وذلك في حق مَنْ لم يثق بالاستيقاظ، ويتناول من يصلي بين النومين.

وهذه الوصية لأبي هريرة ورد مثلها لأبي الدرداء فيما رواه مسلم، ولأبي ذَرٍ فيما رواه النَّسائيّ. والحكمة في الوصية على المحافظة على ذلك تمرينُ النفس على جنس الصلاة والصيام، ليدخل في الواجب منهما بانشراح، وليخير ما لعله يقع من نقص، واقتصر في الوصية للثلاثة المذكورين على الثلاثة المذكورة؛ لأن الصلاة والصيام أشرف العبادة البدنية، ولم يكن المذكورون من

<<  <  ج: ص:  >  >>