٣٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
قوله: يقم ليلة القدر، اختُلف في المراد بالقَدر الذي أُضيفت إليه الليلة. فقيل: المراد به التعظيم. كقوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}[الأنعام: ٩١] والمعنى أنها ذات قَدر لنزول القرآن فيها، أو لما يقع فيها من تنزل الملائكة، أو لما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر. وقيل: القدر هنا التّضْييق، كقوله تعالى:{وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ}[الطلاق:٧] ومعنى التضييق فيها إخفاؤها عن العِلم بتعيينها، أو لأن الأرض تضيق فيها عن الملائكة، وقيل: القدر هنا بمعنى القَدَر بفتح الدال، الذي هو مؤاخي القضاء. والمعنى أنه يُقدّر فيها أحكام تلك السنة، لقوله تعالى:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}[الدخان: ٤] وبه صَدَّر النوويُّ كلامه. ورواه عبد الرزاق وغيره من المفسرين بأسانيد صحيحة، عن مُجاهد وعِكرمَة وقَتادة وغيرهم. وقال التّوْربُشْتيّ: إنما جاء القدْر بسكون الدال. وإن كان الشائع في القدَر الذي هو مؤاخي القضاء فتح الدال، ليُعلم أنه لم يرد به ذلك، وإنما أُريد به تفصيل ما جرى به القضاء وإظهاره وتحديده في تلك السنة، لتحصيل ما يُلقى إليهم فيها مُقدّرًا بمقدار.
وقوله:"إيمانا" أي: تصديقًا بأنه حق وطاعة، وقوله:"احتسابا" أي لوجهه تعالى. طلبا لثوابه لا للرياء ونحوه.