للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبي الإِسلام

هذه الترجمة معقودة لصحة إسلام الصبي، وهي مسألة اختلاف، والصحيح صحته، للحديث الآتي قريبًا وقوله: وهل يعرض عليه، ذكره هنا بلفظ الاستفهام، وترجم في كتاب الجهاد بصيغة تدل على الجزم بذلك، فقال: وكيف يعرض الإِسلام على الصبيّ، وكأنه لما أقام الأدلة هنا على صحة إسلامه استغنى بذلك، وأفاد هناك ذكر الكيفية.

ثم قال: وقال الحسن وشُرَيح وإبراهيم وقتادة: إذا أسلم أحدهما فالولد مع المسلم، ولفظ الحسن في "الصغير" قال: مع المسلم من والديه، وأثر إبراهيم في نصرانيين بينهما ولد صغير فأسلم أحدهما. قال: أولاهما به المسلم، وأثر شريح أنه اختصم إليه في صبيّ أحد أبويه نصرانيّ، قال: الوالد المسلم أحق بالولد، وأثر قتادة نحو قول الحسن، أما أثر الحسن وشريح فأخرجهما البيهقيّ عن يحيى بن يحيى، وأثرا قتادة وإبراهيم فقد أخرجهما عبد الرزاق عن معمر. والحسن البصري قد مرَّ في الرابع والعشرين من الإِيمان، ومرَّ إبراهيم النخعيّ في الخامس والعشرين منه، وقتادة في السادس منه، ومرَّ شريح في تعليق بعد التاسع والعشرين من الحيض.

ثم قال: وكان ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، مع أمه من المستضعفين، ولم يكن مع أبيه على دين قومه، وهذا وصله المصنف في الباب من حديثه الخ. وقوله: ولم يكن مع أبيه على دين قومه، هذا قاله المصنف تفقهًا، وهو مبنيٌّ على أن إسلام العباس كان بعد وقعة بدر، وقد اختلف في ذلك، ومرَّ الكلام عليه في تعريف العباس في المحل المذكور آنفًا. وهذه الآثار كلها دالة على أنّ الصبيّ تابع لمن أسلم من أبويه أُمًا كان أو أبًا، وهو أحد أقوال ثلاثة. والثاني يتبع أباه، ولا يعد بإسلام أُمه مسلمًا، وهذا قول مالك في المُدَوَّنة، والثالث تبع لأمه وإن أسلم أبوه، وهذه مقالة شاذّة.

وقال ابن بطال: أجمع العلماء في الطفل الحربيّ يسبى ومعه أبواه إن إسلام الأم إسلام له، وإذا لم يكن معه أبواه أو وقع في القسمة دونهما ثم مات في ملك مشتريه، فقال مالك في المدونة: لا يصلى عليه إلا أن يجيب إلى الإِسلام بأمر يعرف به أنه عَقَله، وهو المشهور من مذهبه. وعنه، إذا لم يكن معه أحد من آبائه، ولم يبلغ أن يتديّن أو يدعى، ونوى به سيده الإِسلام فإنه يصلى عليه، وأحكامه أحكام المسلمين في الدفن في مقابر المسلمين والموارثة، وهو قول ابن الماجشُون

<<  <  ج: ص:  >  >>