قال ابن المنذر: أجمع من يُحفظ عنه العلم على إباحة الصلاة في مرابض الغنم إلا الشافعي، فإنه قال: لا أكره الصلاة في مرابضها إذا كانت سليمة من أبعارها وأبوالها.
وممن رُوي عنه إجازة ذلك وفعله: ابن عمر، وجابر، وأبو ذر، والزبير، والحسن، وابن سِيرين، والنَّخَعي، وعطاء.
وتمسك بهذا الحديث من قال بطهارة أبوالها وأبعارها، فإن المرابض لا تخلو من ذلك، فدل على أنهم كانوا يباشرونها في صلاتهم، فلا تكون نجسة.
ونوزع من استدل بذلك لاحتمال الحائل، وأُجيب بأنهم لم يكونوا يُصلّون على حائل دون الأرض، ورُدَّ بأنها شهادة نفي، وأجيب بأنها مستندة إلى أصل.
والجواب أن في "الصحيحين" عن أنس: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على حصيرٍ في دارهم". وصح عن عائشة أنه:"كان يصلّي على الخمرة".
قلت: ما ذكر لا يدل على التزامهم للفرش حتى يكون فيه دليل على أن الصلاة وقعت في المرابض على حائل، أما وقوعه مرة فلا دلالة فيه على ما ذُكر، ومعلوم أنهم لم يكونوا في ذلك الوقت أهل بسط لضيق الحال وعدم اعتنائهم بالرفاهية، فعدم وجود الحائل هو الظاهر، بل المتعين، ويدل عليه الحديث الصحيح أنه "كان يسجُد في طينٍ ليلة القدر"، فإنه صريح في أن المسجد غير