سمعت من أبي الزُّبير فأخذ شُعْبة كتابي ومزّقه. وقال ورقاء: قلت لِشُعْبَة: مالك تركت حديث أبي الزُّبَير؟ قال: رأيته يزن ويسترجع في الميزان. وقال أبو داود الطَّيَاليسيّ: قال شُعْبَة: لم يكن في الدنيا أحب إلى من رجل يقدم فأسأله عن أبي الزُّبَير، فقدمت مكة، فسمعتُ منه، فبينما أنا جالس عنده، إذ جاءه رجل فسأله عن مسألة فرد عليه، فافترى عليه فقال له: يا أبا الزُّبَير، تفتري على رجل مسلم؟ قال: إنه أغضبني. قلت: ومن يغضبك تفتري عليه؟ لا رويت عنك شيئًا.
وقال الشَّافعيّ: أبو الزُّبير يحتاج إلى دِعامة. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زُرْعَة عن أبي الزُّبَير فقال: روى عنه الناس. قلت: يحتج به؟ قال: إنما يحتج بحديث الثقات. قال في "المقدمة": هو أحد التابعين، مشهور وثقة قال: الجمهور، وضعفه بعضهم لكثرة التدليس وغيره، ولم يرو له البُخَاري سوى حديث واحد في البيوع، قرنه بعطاء عن جابر، وعلق له عدة أحاديث، واحتج به مُسْلم والباقون، روى عن العبادلة الأربعة، وعن جابر وسعيد بن جُبَير وعِكْرمَة وطاووس وغيرهم، وروى عنه عطاء، وهو من شيوخه، والزُّهْرِيّ وأيّوب والأعمش وابن جُرَيج وهِشَام بن عُرْوَة وغيرهم. مات سنة ست وعشرين ومئة.
ثم قال: وتابعه الأعْمَش عن مُحارِب.
وهذه المتابعة وصلها النَّسائيّ من طريق مُحَمَّد بن فُضَيل عن الأعمش وأبي صالح، كلاهما عن جابر بطوله، وقال فيه: فيطول بهم مُعاذ، ولم يعين السورة، والأعمش مرَّ في الخامس والعشرين من الإيمان, ومرَّ محل ذكر مُحارب في الثامن والخمسين قبل هذه المتابَعات. ثم قال المصنف:
[باب الإيجاز في الصلاة وإكمالها]
ثبتت هذه الترجمة عند المُسْتَمْلِي وكَرِيمة، وذكرها الإسماعيليّ، وسقطت عند الباقين، وعلى تقدير سقوطها فمناسبة حديث أَنَس للترجمة من جهة أن من سلك طريق النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإيجاز والإتمام لا يُشْتَكى منه تطويل، وروى ابن أبي شَيْبَة عن أبي مُجْلِز قال: كان الصحابة يتمون ويوجزون ويبادرون الوسوسة، وقد مرت في الباب الذي قبل هذا بباب آثار دالة على هذا، فبين العلة في تخفيفهم، ولهذا عقب المصنف هذه الترجمة بالإشارة إلى أن تخفيف النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن لهذا السبب لعصمته، بل كان يخفف عند حدوث أمر يقتضيه، كبكاء صبي.