الاضطراب، وقال: سمع ابن عكيم الكتاب يقرأ، وسمعه من مشائخ من جُهينة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا اضطراب.
وأعَلَّه بعضهم بالانقطاع، وهو مردود، وبعضهم بكونه كتابًا، وليس بعلة قادحة، وبعضهم بأنَّ ابن أبي ليلى راويه عن ابن عكيم، لم يسمعه منه، لما وقع عند أبي داود عنه أنه انطلق هو وناسٌ معه إلى عبد الله بن عكيم. قال: فدخلوا وقعدت على الباب، فخرجوا إليّ، وأخبروني، فهذا يقتضي أن في السند من لم يُسَمّ، ولكن صح تصريح عبد الرحمن بن أبي ليلى سماعه من ابن عكيم، فلا أثر لهذه العلة، وأقوى ما تمسك به ممن لم يأخذ بظاهره معارضةُ الأحاديث الصحيحة له، وأنها عن سماع، وهذا عن كتابة، وأنها أصح مخارج، وأقوى من ذلك الجمعُ بين الحديثين، بحمل الإهاب على الجلد قبل دبغه، وأنه بعد الدبغ لا يسمى إهابًا، وإنما يسمى فِرْيَةً وغير ذلك. وقد نُقل ذلك عن أئمة اللغة كالنَّضْر بن شُمَيل. وهذه طريقة ابن شاهين وابن عبد البَرّ والبيْهقيّ.
وأبعدَ من جَمَعَ بينهما يحمل النهي على جلد الكلب والخنزير، لكونهما لا يدبغان، وكذا من حمل النهي على باطن الجلد، والإذن على ظاهره. وحكى الماورديُّ عن بعضهم أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لما مات، كان لعبد الله بن عكيم سنة، وهذا كلام باطل، فإنه كان رجلًا.
[رجاله ستة]
قد مرّوا، وفيه ذكر مولاة لميمونة، قال ابن حجر: لم أقف على اسمها، مرّ سعيد بن عُفير وابن وهب في الثالث عشر من العلم، ومرّ يونس بن يزيد في متابعة بعد الرابع من بدء الوحي، وابن شهاب في الثالث منه، وعُبيد الله المسعوديّ في السادس منه، وابن عباس في الخامس منه.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة، وسنده مصريان وأَيْليّ ومدنيان. أخرجه البخاريّ في البيوع والذبائح، ومسلم في الطهارة، وأبو داود في اللباس، والنَّسَائيّ في الذبائح.
[الحديث الخامس والتسعون]
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ، وَأَرَادَ مَوَالِيهَا أَنْ يَشْتَرِطُوا وَلاَءَهَا، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- اشْتَرِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. قَالَتْ وَأُتِيَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِلَحْمٍ فَقُلْتُ هَذَا مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَقَالَ: هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ.
وموضع الترجمة منه قوله فيه: هو لها صدقة ولنا هدية، وهذا الحديث قد مرَّ استيفاء الكلام عليه في أوائل كتاب الصلاة في "باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد".