وقوله:"فافزعوا" بفتح الزاي أي: التجئوا وتوجهوا، وفيه إشارة إلى المبادرة إلى المأمور به، وإن الالتجاء إلى الله تعالى عند المخاوف بالدعاء والاستغفار سبب لمحو ما فرط من العصيان يرجى فيه زوال المخاوف. وأن الذنوب سبب للبلايا والعقوبات العاجلة والآجلة. نسأل الله تعالى رحمته وعفوه وغفرانه والرجوع للمدينة المنورة سريعًا أنا ومَنْ معي والموت فيها على الإيمان.
وقوله:"إلى الصلاة" أي: المعهودة الخاصة وهي التي تقدم فعلها منه -عليه الصلاة والسلام- قبل الخطبة. ولم يصب من استدل به على مطلق الصلاة. ويستنبط منه أن الجماعة ليست شرطًا في صحتها؛ لأن فيه إشعارًا بالمبادرة إلى الصلاة والمسارعة إليها. وانتظار الجماعة قد يؤدي إلى فواتها وإلى إخلاء بعض الوقت من الصلاة. ومباحثه قد مرّت عند حديث أسماء المذكور آنفًا.
[رجاله تسعة]
قد مرّوا إلاّ عنبسة، مرّ يحيى بن بكير والليث وعقيل وابن شهاب في الثالث من بدء الوحي، ويونس بن يزيد في متابعة بعد الرابع منه، وعروة وعائشة في الثاني منه، وأحمد بن صالح في الرابع والسبعين من استقبال القبلة، وعنبسة هو ابن خالد بن يزيد بن أبي النجاد الأموي مولاهم الأيلي. ذكره ابن حِبّان في الثقات وقال يحيى بن بكير: إنما يحدث عن عنبسة مجنون أحمق. وقال أبو حاتم كان على خراج مصر وكان يعلق النساء بالثدي. قال في المقدمة عظمه أبو داود وأحمد بن صالح المصري ومحمد بن مسلم بن فزارة. وأما يحيى بن بكير فكان يقع فيه. وقال الساجي انفرد بأحاديث عن يونس بن يزيد. وكان أحمد بن حنبل يقول ما روى عنه غير أحمد بن صالح.
قلت: بل روى عنه ابن وهب شيئًا قليلًا وهو من أقرانه، ورجلان مقلان وهما: محمد بن مهدي الإخميمي، وهاشم بن محمد بن الربعي، وله عند البخاري أربعة أحاديث قرنه فيها بعبد الله بن وهب عن يونس.
قلت: هذا الحديث ليس مقرونًا فيه بعبد الله بن وهب. روى عن عمه يونس بن يزيد وابن جريج وابن المبارك، وروى عنه ابن وهب وهو من أقرانه ومحمد بن مهدي الإخميمي وهاشم بن محمد الربعي وأحمد بن صالح المصري. مات بأيلة في جمادى سنة ثمان وتسعين ومائة.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والإِفراد والعنعنة، والقول، ورواية الشخص عن عمه عنبسة عن يونس، ورواته مصريون ما خلا ابن شهاب، وعروة وعائشة مدنيون أخرجه البخاري أيضًا في الصلاة، ومسلم في الكسوف، وكذلك أبو داود والنسائي وابن ماجه. ثم قال: وكان يحدث كثير بن عباس أن