وقوله: إلا أنه، يعني شعبة، كذا قال بتشديد العين والتاء. وهذه الزيادة في رواية كريمة عن الكشميهنيّ، وأخرجه مسلم عن النضر بدون هذه الزيادة، ومطابقة الحديث للترجمة من قوله:"فدعته" على معنى دفعته من حيث كونه عملًا يسيرًا، وقد استوفيت مباحث هذا الحديث غاية الاستيفاء في باب "ربط الغريم في المسجد" من أبواب المساجد.
وفي هذا الحديث سؤالٌ وهو أنه ثبت أن الشيطان يفر من ظل عمر رضي الله تعالى عنه، وأنه يسلك فجًا غير فجه، ففراره عنه عليه الصلاة والسلام من باب أولى، وأجيب بأن المراد من فراره من ظل عمر ليس حقيقة الفرار، بل بيان قوة عمر، وصلابته على قهر الشيطان، وهنا صريحٌ أنه -صلى الله عليه وسلم- قهره وطرده غاية الإمكان.
واستفيد من الحديث أن العمل اليسير لا يفسد الصلاة، وأخذوا من ذلك جواز أخذ البرغوث والقملة، ودفع المارّ بين يديه، والإشارة، والالتفات الخفيف، وقتل الحية والعقرب، وقد أجاز الكوفيون أخذ القملة وقتلها في الصلاة. وقال أبو يوسف: أساء، وصلاته تامة. وكره اللَّيْثُ قتلها في المسجد، ولو قتلها لم يكن عليه شيء. وقال مالك: لا يقتلها في المسجد ولا يطرحها فيه، ولا يدفنها في الصلاة، بل يصرها في توبة. ورخص مالك في قتل العقرب والحية إذا خاف منهما، وإلا كره قتلهما. وأجاز الكوفيون والشافعيّ وأحمد وإسحاق قتلهما.
وسئل مالك عمن يمسك عنان فرسه في الصلاة، ولا يتمكن من وضع يديه بالأرض، فقال أرجو أن يكون خفيفًا، وأجاز مالك وأحمد إصلاح السترة لمن سقطت سترته، وأجاز مالك والشافعيّ حمل الصبي في الصلاة المكتوية، وعند الحنفية يكره حمله، لغير عذر ولا يكره لعذر.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، مرَّ محمود بن غيلان في السابع والأربعين من مواقيت الصلاة، ومرَّ شبابة بن سوار في الخامس والثلاثين من الحيض، ومرَّ شعبة في الثالث من الإيمان، وأبو هريرة في الثاني منه ومرَّ محمد بن زياد في السابع والعشرين من الغسل، وقد مرَّ الكلام على هذا الحديث في محل محمد بن زياد ثم قال المصنف: