حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:"أَهْدَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّةً غَنَمًا".
احتج الشافعي بهذا الحديث على أن الغنم تقلد، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور وابن حبيب: وقال مالك وأبو حنيفة: "لا تقلد لأنهما" تضعف عن التقليد وهذه حجة ضعيفة؛ لأن المقصود من التقليد العلامة وقد اتفقوا على أنها لا تشعر لأنها تضعف عنه فتقلد بما لا يضعفها، وقال ابن عبد البر:"احتج من لم يره بأن الشارع إنما حج حجة واحدة لم يهد فيها غنمًا" وأنكروا حديث الأسود الذي في البخاري في تقليد الغنم قالوا: هو حديث لا يعرفه أهل بيت عائشة فإنه تفرد بتقليد الغنم عن عائشة دون بقية الرواة عنها من أهل بيتها وغيرهم قال المنذري وغيره: "وليست هذه بعلة" لأنه حافظ ثقة لا يضره التفرد.
وقال بعضهم ما أدري ما وجه الحجة منه لأن حديث الباب دال على أنه أرسل بها وأقام وكان ذلك قبل حجته قطعًا ولا تعارض بين الفعل والترك لأن مجرد الترك لا يدل على نسخ الجواز، ثم من الذي صرح من الصحابة بأنه لم يكن في هداياه في حجته غنم حتى يسوغ الاحتجاج بذلك، ثم ساق ابن المنذر عن عطاء وعبيد الله بن أبي يزيد وأبي جعفر محمد بن علي وغيرهم قالوا: رأينا الغنم تقدم مقلدة ولابن أبي شيبة عن ابن عباس نحوه والمراد بذلك الرد على من ادعى الإجماع على ترك إهداء الغنم وتقليدها.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا: مرَّ أبو نعيم في الخامس والأربعين من الإيمان، ومرَّ الأعمش وإبراهيم بن يزيد في الخامس والعشرين منه. ومرَّ الأسود بن يزيد في السابع والستين من العلم.
أخرجه مسلم في الحج، وكذا أبو داود وابن ماجه ومرت عائشة في الثاني من بدء الوحي.