قوله:"اعتدلوا في السجود"، أي: كونوا متوسطين بين الافتراش والقَبْض، وقال ابن دقيق العبد: لعل المراد بالاعتدال هنا وضع هيئة السجود على وِفق الأمر، لأن الاعتدال الحسي المطلوب في الركوع لا يتأتّى هنا، فإنه هناك استواء الظهر والعنق، والمطلوب هنا ارتفاع الأسافل على الأعالي. قال: وقد ذكر الحكم هنا مقرونًا بعلته، فإن التشبه بالأشياء الخسيسة يناسب تركه في الصلاة، والهيئة المنهي عنها أيضًا مشعرة بالتهاون وقلة الاعتناء بالصلاة.
وقوله:"ولا يبسط ذراعيه كالكلب"، وفي رواية:"ولا ينبسط" بنون ساكنة قبل الموحدة. وللحمويّ:"ولا يبتسط" بمثناة بعد موحدة، وفي الرواية الآتية في أبواب صفة الصلاة:"انبساط الكلب" بالنون، وهي ظاهرة في الثانية، وفي الثالثة:"ابتساط" بالمثناة، والتقدير في الأول: ولا يبسط ذراعيه. فينبسط انبساط الكلب. وقوله:"فإنما يناجي ربه". وقال الكرمانيّ ما حاصله: تقدم أن علة النهي عن البزاق عن اليمين أن عن اليمين مَلَكًا، وهنا علل بالمناجاة، ولا تنافي بينهما؛ لأن الحكم الواحد يجوز أن تكون له علّتان، سواء كانتا مجتمعتين أو منفردتين، والمناجي تارة يكون قدام من يناجيه، وهو الأكثر، وتارة يكون عن يمينه.
[رجاله أربعة]
الأول: حفص بن عمر، وقد مرَّ في الثالث والثلاثين من كتاب الوضوء،