ظاهر هذا الحديث يخالف الترجمة؛ لأن قوله "أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر" مشعر بأن هذا الكلام وقع قبل إيقاع الصلاة فيستلزم تقديم الخطبة على الصلاة بناء على أن هذا الكلام من الخطبة؛ ولأنه عقب الصلاة بالنحر. والجواب أن المراد أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى العيد ثم خطب فقال هذا الكلام، وأراد بقوله "إن أول ما نبدأ" به أي: في يوم العيد تقديم الصلاة في أي عيد كان، والتعقيب بـ (ثم) لا يستلزم عدم تخلل أمر آخر بين الأمرين.
قال ابن بطال: غلط النسائي فترجم بحديث البراء فقال: باب الخطبة قبل الصلاة. قال: وخفي عليه أن العرب قد تضع الفعل المستقبل مكان الماضي، وكأنه قال عليه الصلاة والسلام: أول ما يكون به الابتداء في هذا اليوم الصلاة التي قدمنا فعلها. قال: وهو مثل قوله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا} أي: إلا الإيمان المتقدم، ويؤيد صحة هذا التأويل رواية محمد بن طلحة الآتية في هذا الحديث بعينه بلفظ "خَرجَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يوم أضحى إلى البقيع، فصلَّى ركعتين، ثم أقبلَ علينا بوجههِ وقال: إنَّ أولَ نُسكِنَا في يومِنا هذا أنْ نبدأ بالصلاةِ ثم نرجعَ فننحر" الحديث فتبين بهذه الرواية أن ذلك الكلام وقع منه بعد الصلاة وقد مرّ هذا الكلام مع مباحث الحديث بالاستيفاء قبل بابين.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا وفيه أبو بردة، وقد مرّ آدم وشعبة في الثالث من "الإيمان"، ومرّ زبيد في الحادي والأربعين منه، ومرّ الشعبي في الثالث منه أيضًا، ومرَّ البراء في الثالث والثلاثين، ومرّ أبو بردة بن نيار في السادس من هذا الكتاب، ومرَّ هناك من أخرجه. ثم قال المصنف: