وردتا من فعله عليه الصلاة والسلام كما تقدم عن عائشة، وهو منزه عن عقد الشيطان حتى ولو لم يرد الأمر بذلك، لأمكن أن يقال: يحمل فعله ذلك على تعليم أمته، وإرشادهم إلى ما يحفظهم من الشيطان. وقد وقع عند ابن خُزيمة من وجه آخر عن أبي هريرة في آخر الحديث:"فحلوا عقد الشيطان ولو بركعتين".
الرابعة: إنما خص الوضوء بالذكر؛ لأنه الغالب، وإلا فالجنب لا يحل عقدته إلا الاغتسال، وهل يقوم التيمم مقام الوضوء أو الغسل لمن ساغ له ذلك؟ مقام بحث، والذي يظهر أجزاؤه، ولا شك أن في معاناة الوضوء عونًا كبيرًا على طرد النوم، لا يظهر مثله في التيمم.
الخامسة: لا يتعين للذكر شيء مخصوص لا يجزىء غيره، بل كل ما صدق عليه ذكر الله أجزأ. ويدخل فيه تلاوة القرآن، وقراءة الحديث النبويّ، والاشتغال بالعلم الشرعي، وأَوْلى ما يذكر به ما جاء في باب "فضل من تعار من الليل" بعد ثمانية أبواب، ويؤيده ما عند ابن خزيمة من الطريق المذكورة، فإن تعار من الليل فذكر الله.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، مرّ عبد الله بن يوسف ومالك في الثاني من بدء الوحي، وأبو الزِّناد والأعرج في السابع من الإيمان، وأبو هريرة في الثاني منه. والحديث أخرجه أبو داود.
[الحديث الرابع والعشرون]
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن علية قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الرُّؤْيَا قَالَ: أَمَّا الَّذِي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ.
قوله:"عن الصلاة المكتوبة" الظاهر أن المراد بها العشاء الآخرة، وهو اللائق بما تقدم من مناسبة الحديث الذي قبله. وقوله:"يُثْلَغُ" بضم التحتانية وسكون المثلثة وفتح اللام بعدها معجمة، أي: يشق أو يخدش، وقوله:"فيرفضه" بكسر الفاء وضمها، أي: يترك حفظه والعمل به. وأما الذي يترك حفظ حرفه، ويعمل بمعانيه فليس برافض له. وهذا الحديث يأتي في آخر الجنائز مطولًا في باب مفرد، بعد باب "ما قيل في أولاد المشركين". ويأتي الكلام إن شاء الله تعالى عليه هناك.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا إلا مُؤمَّلًا، مرّ إسماعيل بن علية في الثامن من الإيمان، ومرّ عَوْف الأعرابيّ في الأربعين منه، ومرّ أبو رَجاء في الحادي عشر من التيمم، ومرّ سمرةُ بن جندب في الخامس والثلاثين من الحيض.