وبين المجاهد والمحرِم جامع, لأن كلا منهما في سبيل الله، وقد اعتذر الداوديّ عن مالك فقال: لم يبلغه هذا الحديث، وأورد بعضهم أنه لو كان إحرامه باقيًا لوجب أن يكمل به المناسك، ولا قائل به، وأجيب بأن ذلك ورد على خلاف الأصل، فيقتصر به على مورد النص، ولاسيما وقد وضح أن الحكمة في ذلك استبقاء شعار الإِحرام كاستبقاء دم الشهيد، وأُجيب عن هذا بأنّا لا نُسَلّم أنه ورد على خلاف الأصل، وكيف ورد على خلاف الأصل وقد أمر بغسله بالماء والسدر؟ وهو الأصل في الموتى، فلولا أنه خرج عن الإِحرام ما أمر بغسله بالسدر.
وفي الحديث أن المحرم إذا مات لا يكمل عليه غيره، كالصلاة، وقد وقع أجره على الله، وأخذ بعضهم منه أن النيابة في الحج لا تجوز, لأنه عليه الصلاة والسلام، لم يأمر أحدًا أن يكمل عن هذا الموقوص أفعال الحج، ولا يخفى ما فيه من النظر. وفيه أن من شرع في طاعة، ثم حال بينه وبين إتمامها الموت، يرجى له أن الله تعالى يكتبه في الآخرة من أهل ذلك العمل، ويقبله منه إذا صحت النية، ويشهد له قوله:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا: وفيه لفظ رجل مبهم، مرَّ أبو النعمان في الحادي والخمسين من الإيمان, وحماد بن زيد. في الرابع والعشرين منه، وأيوب في التاسع منه، وسعيد بن جُبَير وابن عباس في الخامس من بدء الوحي.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول، وثلاثة بصريون، وابن جبير كوفيٌّ. أخرجه البخاريّ في الجنائز وفي الحج، ومسلم في الحج، وكذا أبو داود والنَّسَائيّ. والرجل الذي وقصته الدابة لم يسم. ثم قال المصنف: