كراهة التنزيه، وأما شربه قائمًا، فلبيان الجواز، ومن زعم نسخًا فقد غلط، فكيف يكون نسخًا مع إمكان الجمع، وإنما يكون النسخ لو ثبت التاريخ فأنى له ذلك، وقال الطحاوي ما ملخصه أنه عليه الصلاة والسلام أراد بهذا النهي الإشفاق على أمته لأنه يخاف من الشرب قائمًا الضرر وحدوث الداء كما قال لهم:"أما أنا فلا آكل متكئًا"، وقد اختلف العلماء في الشرب قائمًا بحسب اختلاف الأحاديث، فمنهم من كرهه ومنهم من أباحه.
رجاله ستة قد مرّوا إلا الفزاري.
مرَّ محمد بن سلام في الثالث عشر من الإيمان، ومرَّ الشعبي في الثالث منه، ومرَّ عاصم بن سليمان في الخامس والثلاثين من الوضوء ومرَّ عكرمة في السابع عشر من العلم، ومرَّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي، والفِزاري بكسر الفاء المراد به مروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري أبو عبد الله الكوفي الحافظ، سكن مكة ودمشق، وهو ابن عم أبي إسحاق الفزاري، من شيوخ أحمد، ثقة مشهور، قال أحمد: كان ثقة، حافظًا، يحفظ حديثه كله كأنه نصب عينه، وقال أيضًا: ما كان أحفظه!، وقال ابن معين ويعقوب بن شيبة والنسائي: ثقة، وقال الدوري: سألت ابن معين عن حديث مروان بن معاوية، عن علي بن أبي الوليد، قال: هذا علي بن غراب، والله ما رأيت أحيل للتدليس منه، وقال ابن المديني: ثقة فيما يروي عن المعروفين، ضعيف فيما يروي عن المجهولين، وقال العجلي: ثقة ثبت ما حدَّث عن المعروفين فصحيح، وما حدَّث عن المجهولين ففيه ما فيه، وليس بشيء، وقال أبو حاتم: صدوق لا يدفع عن صدقه، وتكثر روايته عن المجهولين، وقال ابن نمير: كان يلتقط الشيوخ من السكك، وقال أبو داود: كان يقلب الأسماء، وقال ابن معين: كان مروان يغير الأسماء، يعمي على الناس، كان يحدثنا عن الحكم بن خالد، وإنما هو حكم بن ظهير، وقال أيضًا: ثقة ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن معين أيضًا: وجدت بخط مروان: وكيع رافضيٌّ، فقلت له: وكيع خير منك، فسبني، وقال الذهبي: كان عالمًا، لكنه يروي عمن دب ودرج، وكان فقيرًا ذا عيال، فكانوا يرونه -يعني الذين يروي عنه- كأنه يجازيهم، قال في "المقدمة": أخرج البخاري من حديثه عن خمسة من شيوخه المعروفين وهم حميد، وعاصم الأحول، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبو يعقوب العبدي، وهاشم بن هاشم.
روى عن حميد الطويل، وهؤلاء المذكورين، وغيرهم، وروى عنه أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، وزكرياء بن عدي وغيرهم، مات فجأة سنة ثلاث