قال النووي: الاستعانة ثلاثة أقسام: إحضار الماء ولا كراهة فيه أصلًا، لكن الأفضل خلافه كما قال في "الفتح"، ثم قال: الثاني مباشرة الأجنبي الغسل، وهذا مكروه إلا لحاجة. الثالث: الصب، وفيه وجهان: أحدهما يكره، والثاني خلاف الأوْلى.
وتُعُقِّب بأنه إذا ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- فعله لا يكون خلاف الأولى. وأجيب بأنه قد يفعله لبيان الجواز، فلا يكون في حقه خلاف الأوْلى بخلاف غيره.
قلت: من أين للقائل بأن فعله لبيان الجواز، وأين ثبوت النهي عنه حتى يصحَّ أنْ يكون فعله لذلك، ولم يروِ حديث في النهي إلاّ ما رُوي أنه عليه الصلاة والسلام قال:"أنا لا أستعينُ في وضؤلي بأحدٍ"، وأنه قاله عليه الصلاة والسلام لعمر، وقد بادر لصب الماء عليه. فقد قال النووي في "شرح المهذب": إنه حديث باطل لا أصل له. ولهذا قال الجلال المحلّي: إنه ليس فيه خلاف الأولى، وهذا هو مذهب المالكية في صب الماء على الشخص، وأما مباشرته لغسل غيره فعندهم تجوز للضرورة ولغير ضرورة تمنع الاستنابة ولا تجزىء.
وقال الكِرماني: إذا كان الأَولى تركه، كيف يُنازع في كراهته. وأجيب بأن كلَّ مكروه، فعله خلاف الأولى من غير عكس، إذا لمكروه يُطلق على الحرام بخلاف الآخر.
وقد استوفينا الكلام على هذا الحديث غاية الاستيفاء عند ذكره في باب إسباغ الوضوء.
[رجاله ستة]
الأول: محمد بن سلام البِيكَنْدي، وقد مر في الثالث عشر من الإيمان، ومر يحيى بن سعيد الأنصاري في الحديث الأول من بدء الوحي. ومر كُرَيب في