لما فرغ المؤلف رحمه الله تعالى من بيان أحكام الجماعة والأمامة وتسوية الصفوف، شرع في بيان صفة الصلاة وما يتعلق بذلك فقال:
" باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة"
قيل أطلق الإيجاب والمراد الوجوب، تجوزًا لأنّ الإيجاب خطاب الشارع، والوجوب: ما يتعلق بالمكلف، وهو المراد هنا، والواو في قوله وافتتاح الصلاة قيل عاطفة إما على المضاف وهو إيجاب، أو على المضاف إليه وهو التكبير، والأول أولى إن كان المراد بالافتتاح الدعاء، لكنه لا يجب، وقيل الواو بمعنى: مع، والمراد بالافتتاح: الشروع في الصلاة أي: مع الشروع في الصلاة، ومجيء الواو بمعنى مع شائع ذائع، وقيل بمعنى: باء الجر كما في قولهم أنت أعلم ومالك، أي: بمالك، أو بمعنى لام التعليل أي: ايجاب التكبير لأجل افتتاح الصلاة، وقد يجوز إتيانها بمعنى لام التعليل الخارزنجي ويتعيّن على القادر الله أكبر فلا يقوم مقامه تسبيح ولا تهليل، وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، فلا يكفي الله الكبير، ولا الرحمن أكبر، لكن عند الشافعية لا تضر زيادة لا تمنع الاسم كالله الجليل أكبر على الأصح، ومن عجز عن التكبير ترجم عنه بأي لغة شاء، ولا يعدل عنه إلى غيره من الأذكار.
وقال الحنفية ينعقد بكل لفظ يقصد به التعظيم. وقال أبو يوسف: إن كان المصلّي يحسن التكبير لم تجز إلَّا الله أكبر أو الله الأكبر أو الله الكبير، وإن لم يحسن جاز، وهل تكبيرة الأحرام ركن أو شرط؟ قال بالأول الشافعية والمالكية والحنابلة، وقال الحنفية بالثانية، وهو وجه عند الشافعية وقيل سنّة.
وقال ابن المنذر عن الزهري: تنعقد بالنية بلا تكبير.
قال ابن المنذر: لم يقل به أحد غير الزهري، ونقله غيره عن سعيد بن المسيب، والأوزاعي، ومالك، ولم يثبت عن أحد منهم تصريحًا وإنما قالوا فيمن أدرك الإمام راكعًا تجزئه تكبيرة الركوع، نعم نقله الكرخي من الحنفية عن إبراهيم بن علية وأبي بكر الأصم ومخالفتهما للجمهور كثيرة،