الدار، والمراد بالدار: المنزل الذي نزله بذي الحليفة، ويؤيده ما في رواية جويرية أن ذلك وقع بعد أن سار ساعة، ويحتمل أن يحمل على الدار التي بالمدينة، ويجمع بأنه أهلّ بالعمرة من داخل بيته، ثم أعلن بها وأظهرها بعد أن استقر بذي الحليفة، وفي رواية الليث هذه أوجب عمرة ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء، قال: ما شأن العمرة والحج إلا واحد، ولو كان إيجابه العمرة من داره التي بالمدينة لكان ما بينها وبين ظاهر البيداء أكثر من ساعة.
وقوله:"بطوافه الأول"، أي: الذي طافه يوم النحر للإضافة، وتوهم بعضهم أنه أراد طواف القدوم، فمحله على السعي، وقال ابن عبد البر: فيه حجة لمالك في قوله: إن طواف القدوم إذا وصل بالسعي يجزىء عن طواف الإفاضة لمن تركه جاهلًا أو نسيه حتى رجع إلى بلده وعليه الهدي، قال: ولا أعلم أحدًا قال به غيره وغير أصحابه، وتعقب بأنه إن حمل قوله:"طوافه الأول على طواف القدوم، فإنه أجزأ عن طواف الإفاضة"، كان ذلك دالًا على الإجزاء مطلقًا ولو تعمده لا بقيد الجهل والنسيان، لا إذا حملنا قوله: طوافه الأول على طواف الإفاضة يوم النحر، أو على السعي، ويؤيد التأويل الثاني حديث جابر عند مسلم: لم يطف النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا، طوافه الأول وهو محمول على ما حمل عليه حديث ابن عمر المذكور، وفي نسخة الصغاني عقب طريق ابن عمر الثانية تعلية السند المذكور لبعض الرواة، ولفظه: قال أبو إسحاق: حدثنا قتيبة، ومحمد بن رمح، قالا: حدثنا الليث مثله، وأبو إسحاق هذا إن كان هو المستملي فقد سقط بينه وبين قتيبة وابن رمح رجل، وإن كان غيره فيحتمل أن يكون إبراهيم بن معقل النسفي الراوي عن البخاري.
رجاله أربعة، وفيه ذكر الحجاج وابن الزبير، وقد مرَّ الجميع:
مرَّ قتيبة بن سعيد في الحادي والعشرين من الإيمان، ومرَّ الليث في الثالث من بدء الوحي، ومرَّ محل نافع، وابن عمر في الذي قبله، ومرَّ ابن الزبير في الثامن والأربعين من العلم، ومرَّ الحجاج في السابع والثلاثين من مواقيت الصلاة.