للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثالث عشر]

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "مَا السُّرَي يَا جَابِرُ؟ ". فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: "مَا هَذَا الاِشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ؟ ". قُلْتُ: كَانَ ثَوْبٌ. يَعْنِي ضَاقَ. قَالَ: "فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ".

قوله: في بعض أسفاره، عند مسلم أنها غزوة بُواط، وهي بضم الباء وتخفيف الواو، وهي من أوائل مغازيه عليه الصلاة والسلام. وقوله: لبعض أمري، أي لأجل بعض جوائحي، وفي رواية مسلم أنه عليه الصلاة والسلام كان أرسله هو وجبار بن صخر لتهيئة الماء في المنزل. وقوله: ما السُّري؟ أي ما سبب سُراك أي سيرك بالليل، وهو بضم السين والقصر، وإنما سأله لعلمه بأن الحامل له على المجيء بالليل أمر أكيد.

وقوله: ما هذا الاشتمال، كأنه استفهام إنكار. قال الخطابي: الاشتمال الذي أنكره أن يدير الثوب على بدنه كله، حتى لا يخرج يده إلا من أسفله، لئلا تبدو عورته، وكأنه أخذه من تفسير الصماء على أحد الأوجه، لكن بين مسلم في روايته أن الإنكار كان بسبب أن الثوب كان ضيقًا، وأنه خالف بين طرفيه، وتواقص، أي انحنى عليه، كأنه عند المخالفة بين طرفي الثوب لم يكن ساترًا، فانحنى ليستتر، فأعلمه -صلى الله عليه وسلم- بأن محل ذلك ما إذا كان الثوب واسعًا، فأما إذا كان ضيقًا فإنه يجزئه أن يتزر به؛ لأنّ القصد الأصليّ ستر العورة، وهو يحصل

<<  <  ج: ص:  >  >>