حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ بن مالك قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ.
قوله:"أخبرنا عبيد الله" في نسخة الصغاني حدثنا عبيد الله هكذا رواه سعيد بن سليمان عن هشيم وتابعه أبو الربيع الزهراني عند الإسماعيلي جبارة بن المغلس عند ابن ماجه، ورواه عن هشيم قتيبة عند الترمذي، وأحمد بن منيع عند ابن خزيمة، وأبو بكر بن أبي شيبة عند ابن حبان، والإسماعيلي وعمر بن عون عند الحاكم، وقالوا كلهم عن هشيم عن محمد بن إسحاق عن حفص بن عبيد الله بن أنس عن أنس قال الترمذي: صحيح غريب. وأعله الإسماعيلي بأن هشيمًا مدلس، وقد اختلف عليه فيه وابن إسحاق من شرط البخاري وهذه علة غير قادحة، لأن هشيمًا قد صرح فيه بالإخبار فأمن من تدليسه؛ ولهذا أنزل فيه البخاري درجة؛ لأن سعيد بن سليمان من شيوخه وقد أخرجه، وقد أخرج هذا الحديث عنه بواسطة لكونه لم يسمعه منه ولم يلق من أصحاب هشيم مع كثرة من لقيه منهم من يحدث به مصرحًا عنه بالإخبار.
وقد جزم أبو مسعود الدمشقي بأنه كان عند هشيم على الوجهين، وأن أصحاب هشيم القدماء كانوا يروونه عنه على الوجه الأول، فلا تضر طريق ابن إسحاق المذكورة.
قال البيهقي: ويؤكد ذلك أن سعيد بن سليمان قد رواه عن هشيم على الوجهين، ثم ساقه من رواية معاذ بن المثنى عنه عن هشيم بالإسنادين المذكورين، فرجح صنيع البخاري هنا.
وقوله:"حتى يأكل تمرات" عند الإسماعيلي وابن حبان والحاكم عن عبيد الله بن أبي بكر بلفظ "ما خرج يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أقل من ذلك أو أكثر وترًا" وهي أصرح في المداومة على ذلك. وأخرجه أحمد عن مُرَجّي بلفظ "ويأكلهن إفرادًا"، وعن هذا الوجه أخرجه البخاري في "تاريخه"، قال المهلب: الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد، فكأنه أراد سدّ هذه الذريعة، وقال غيره: لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى ويشعر بذلك اقتصاره على القليل من ذلك، ولو كان لغير الامتثال لأكل قدر الشبع.