قال الزين بن المنير ما ملخصه: مقصوده بهذه الترجمة الحث على التحذير من التسويف في الصدقة، لما في المسارعة إليها من تحصيل النمو المذكور. قيل: لأن التسويف بها قد يكون ذريعة إلى عدم القابل لها، إذ لا يتم مقصود الصدقة إلا بمصادفة المحتاج إليها. وقد أخبر الصادق أنه سيقع فَقْدُ الفقراء المحتاجين إلى الصدقة، بأن يُخرج الغني صدقته فلا يجد من يقبلها، فإن قيل إن مَنْ أخرج صدقته مثابٌ على نيته ولو لم يجد مَنْ يقبلها، فالجواب أن الواجد يثاب ثواب المجازاة والفضل، والناوي يثاب ثواب الفضل فقط، والأول أرجح.
قوله:"فإنه يأتي عليكم زمان" في رواية تأتي بعد أبواب "فسيأتي". وقوله:"يقول الرجل" أي: الذي يريد المتصدق أن يعطيه إياها. وقوله:"وأما اليوم فلا حاجة لي بها" وفي رواية الكشميهنيّ فيها يحتمل أن يكون هذا وقع، كما ذكر في خلافة عمر بن عبد العزيز، فلا يكون من أشراط الساعة، وهو نظير ما وقع في حديث عدي بن حاتم الآتي بعد هذا.
وأخرج يعقوب بن سفيان في تاريخه بسند جيد عن عمر بن أَسِيد قال: لا والله ما مات عمر بن عبد العزيز، حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم، فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون في الفقراء، فما يبرح حتى يرجع بماله، يتذكر من يضعه فيهم، فلا يجد، فيرجع به. قد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس، وسبب ذلك بسطه للعدل، وإيصال الحقوق لأهلها حتى استغنوا، ويأتي في ترجمة عيسى عليه السلام من أحاديث الأنبياء حديث:"ليوشكنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم" وفيه: "ويفيض المال" وفي رواية أخرى: "حتى لا يقبله أحد" فيحتمل أن يكون هذا هو المراد، والأول أرجح، لما أذكره في حديث عديّ قريبًا، وسبب كثرته في زمن عيسى عليه السلام نزولُ البركات وتوالي الخيرات، بسبب العدل وعدم الظلم، وحينئذ تُخْرج الأرض كنوزها، وتقل الرغبات في اقتناء المال، لعلمهم بقرب الساعة.