قوله: إذا وضع عشاء أحدكم، هذا أخص من الرواية الماضية حيث قال: إذا وضع العشاء، فيحمل العشاء في تلك الرواية على عشاء من يريد الصلاة، فلو وضع عشاء غيره لم يدخل في ذلك، ويحتمل أن يقال بالنظر إلى المعنى لو كان جائعًا واشتغل خاطره بطعام غيره، كان كذلك، وسبيله أن ينتقل عن ذلك المكان أو يتناول مأكولًا يزيل شغل باله ليدخل في الصلاة وقلبه فارغ. ويؤيد هذا الاحتمال عموم قوله في رواية مسلم عن عائشة "لا صلاة بحضرة طعام" الحديث، وقول أبي الدَّرداء الماضي "إقباله على حاجته".
وقوله: ولا يعجل، أي أحدكم المذكور أولًا، وقال الطّيبيّ: أفرد قوله "يعجل" نظرًا إلي لفظ أحد، وجمع قوله "فابدؤا" نظرًا إلى لفظ "كم" قال: والمعنى إذا وضع عشاء أحدكم فابدؤا أنتم بالعشاء، ولا يعجل هو حتى يفرغ معكم منه. وقوله: وكان ابن عمر، هو موصول عطفًا على المرفوع، وقد رواه السّراج عن نافع فذكر المرفوع ثم قال: قال نافع: وكان ابن عمر إذا حضر عشاؤه وسمع الإقامة وقراءة الإِمام، لم يقم حتى يفرغ، ورواه ابن حِبّان عن نافع أن ابن عمر كان يصلي المغرب إذا غابت الشمس، وكان أحيانا يلقاه وهو صائم، فيقدم له عشاؤه، وقد نودي للصلاة، ثم تقام وهو يسمع فلا يترك عشاءه، ولا يعجل حتى يقضي عشاءه، ثم يخرج فيصلي، وهذا أصرح ما ورد عنه في ذلك.