للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "تؤمنُ باللهِ واليوم الآخرِ" مفهومه أن النهي المذكور يختص بالمؤمنات، فتخرج الكافرات كتابية كانت أو حربية. وقد قال به بعض أهل العلم، وأجيب بأن الإيمان هو الذي يستمر للمتصف به خطاب الشارع، فينتفع به وينقاد له، فلذلك قيد به، أو إن الوصف ذكر لتأكيد التحريم، ولم يقصد به إخراج ما سواه.

وقوله: "مسيرةَ يومٍ وليلةٍ، ليسَ معها حُرْمَةٌ" أي: محرم. وقد قال مغلطاي: الهاء في قوله: "مسيرةَ يومٍ وليلةٍ" للمرّة الواحدة، والتقدير أن تسافر مرَّة واحدة مخصوصة بيوم وليلة، ولا سلف له في هذا الإعراب. "ومسيرة" إنما هي مصدر سار كقوله مسيرًا. مثل: عاش معيشة وعيشًا.

[رجاله خمسة]

قد مرّوا، مرّ آدم في الثالث من الإيمان، ومرَّ سعيد بن أبي سعيد في الثاني والثلاثين منه، ومرّ أبو هريرة في الثاني منه، ومرَّ ابن أبي ذيب في الخمسين من العلم، ومرَّ أبو سعيد كيسان المقبري في السادس والعشرين من صفة الصلاة. والحديث أخرجه مسلم في الحج. ثم قال: تابعه يحيى بن أبي كثير وسهيل ومالك عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه يعني لم يقولوا عن أبيه، فعلى هذا فهي متابعة في المتن، لا في الإسناد. على أنه اختلف على سهيل وعلى مالك فيه، وكأن الرواية التي جزم بها المصنف أرجح عنده عنهم، ورجح الدارقطني أنه عن سعيد عن أبي هريرة ليس فيه عن أبيه.

كما رواه معظم رواة "الموطأ"، لكن الزيادة من الثقة مقبولة، ولاسيما إذا كان حافظًا، وقد وافق ابن أبي ذيب على قوله عن أبيه الليث بن سعد عند أبي داود والليث. وابن أبي ذيب من أثبت الناس في سعيد. أما رواية يحيى فأخرجها أحمد عن شيبان النحوي عنه، وليس فيه اختلاف إلّا أن لفظه: "أن تسافر يومًا إلاَّ مع ذي محرم" ويحمل قوله: "يومًا" على أن المراد به اليوم بليلته فيوافق رواية ابن أبي ذيب، وحى بن أبي كثير مرَّ في الثالث والخمسين من العلم، وأمّا رواية سهيل، فقد أخرجها أبو داود والحاكم وابن حِبّان عن جرير عن سهيل كما علقه البخاري إلاَّ أن جريرًا قال في روايته: بريدًا بدل يومًا.

وقال بشر بن المفضل عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أبدل سعيدًا بأبي صالح، وخالف في اللفظ أيضًا فقال تسافر ثلاثًا أخرجه مسلم ويُحتمل أن يكون الحديثان معًا عند سهيل، ومن ثم صحح ابن حِبّان الطريقين عنه، لكن المحفوظ عن أبي صالح عن أبي سعيد وسهيل قد مرّ في باب الدين النصيحة بعد التاسع والأربعين من الإيمان. وأما رواية مالك فهي في "الموطأ"، وأخرجها مسلم وأبو داود وهو المشهور عنه، ورواها بشر بن عمر الزهراني عنه فقال عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أخرجه أبو داود والترمذي وأبو عوانة وابن خزيمة من طريقه.

وقال ابن خزيمة: إنه تفرد به عن مالك. وفيه نظر؛ لأنه الدارقطني أخرجه في "الغرائب" عن

<<  <  ج: ص:  >  >>