المسح، ويُحمل الإنكار على ترك التعميم، لكن الرواية المتفق عليها أرجح، فتحمل هذه الرواية عليها بالتأويل، فيحتمل أن يكون معنى قوله:"لم يمسها الماء" أي: ماء الغسل جمعًا بين الروايتين. وأصرح من ذلك رواية مسلم عن أبي هُريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه رأى رجلًا لم يغسل عقبه، فقال ذلك. وأيضًا فمن قال بالمسح لم يوجب مسح العقب، والحديث حجة عليه.
وقال الطّحاوي: لما أمرهم بتعميم غسل الرجلين حتى لا تبقى منهما لمعة، دل على أن فرضهما الغسل، وتعقبه ابن المنير بأن التعميم لا يستلزم الغسل، فالرأس تعم بالمسح، وليس فرضها الغسل.
قلت: ما أورده ابن المنير على الطحاوي غير وارد عليه, لأنه لا يقول بوجوب تعميم مسح الرأس حتى يتعقب عليه به.
والأحاديث الصحيحة المستفيضة في صفة وضوئه -صلى الله عليه وسلم- أنه غسل رجليه كثيرة جدًّا ولم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه مسح رجليه بغير خف في حضر ولا سفر، وقد مر باقي ما يتعلق بالحديث عند ذكره في باب رفع الصوت بالعلم.
[رجاله خمسة]
الأول: موسى بن إسماعيل التَّبوذَكيّ، والثاني: أبو عَوانة الوضّاح اليَشْكُري وقد مر تعريفهما في الحديث الخامس من بدء الوحي، ومر تعريف أبي بشر ويوسف بن ماهِك في الحديث الثاني من كتاب العلم، وعبد الله بن عَمرو بن العاص في الحديث الثالث من كتاب الإيمان, وذكر في الحديث الثاني من كتاب العلم المواضع التي أخرج فيها.
[باب المضمضة في الوضوء]
بإضافة باب لتاليه، وفي رواية:"بابٌّ" بالتنوين.
وأصل المضمضة في اللغة التحريك، ومنه مضمض النعاس في عينيه إذا تحركتا بالنعاس، ثم اشتهر استعماله في وضع الماء في الفم وتحريكه، وأما معناه في الوضوء الشرعي فأكمله أن يضع الماء في الفم، ثم يديره، ثم يمجه.