مفروش وزعم ابن حزم أن الحديث منسوخ؛ لأن فيه أن ذلك كان قبل أن يُبنى المسجد، فاقتضى أن ذلك كان في أول الهجرة.
ورد عليه بما صح عن عائشة أنه -صلى الله عليه وسلم- أمرهم ببناء المساجد في الدور، وان تُطيَّب وان تُنظّف. رواه أبو داود وأحمد، وغيرهما، وصححه ابن خزيمة وغيره. ولأبي داود نحوه من حديث سمرة، وزاد:"وأن نطِّهرها"، قال: وهذا بعد بناء المسجد.
وما ادعاه من النسخ يقتضي الجواز ثم المنع، وهذا يرده ثبوت إذنه عليه الصلاة والسلام في الصلاة في مرابض الغنم كما في "صحيح" مسلم عن جابر بن سمرة.
وفي "صحيح" ابن حبان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن لم تجدوا إلا مرابض الغنم وأعطان الإبل فصلّوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل". قال الطوسي والترمذي: حسن صحيح.
وفي "تاريخ نيسابور" عن أبي حبان مرفوعًا: "الغنم من دواب الجنة، فامسحوا رغامها، وصلوا في مرابضها".
وعند البزار في "مسنده": "أحسنوا إليها، وأميطوا عنها الأذى".
وفي حديث عبد الله بن المُغَفَّل:"صلّوا في مرابض الغنم، ولا تُصلوا في أعطان الإبل، فإنها خُلقت من الشياطين"، قال البيهقي: كذا رواه جماعة، وقال بعضهم:"كنا نؤمر"، ولم يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-. وفي لفظ:"إذا أدركتكم الصلاة وأنتم في مراح الغنم، فصلوا فيها، فإنها سكينة وبركة، وإذا أدركتكم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرُجوا منها، فإنها جن خُلقت من الجن، ألا ترى أنها إذا نفرت كيف تشمخُ بأنفها".
وعند ابن ماجه بسند صحيح عن عبد الملك بن الربيع بن سمرة، عن أبيه، عن جده مرفوعًا:"لا يُصلَّى في أعطان الإبل، ويُصلَّى في مَراح الغنم".