وقوله:"في فم امرأتك"، وللكُشْمِيْهني:"في في امرأتك" وهي رواية الأكثر. قال القاضي عياض: وهي الأصوب، لأن الأصل حذف الميم بدليل جمعه على أفواه، وتصغيره على فويه. قال: وإنما يحسن إثبات الميم عند الأفراد، وأما عند الأضافة فلا إلا في لغة قليلة.
واستنبط منه النووي أن الحظ إذا وافق الحق لا يقدح في ثوابه، لأن وضع اللقمة في في الزوجة يقع غالبًا في حالة المداعبة ولشهوة النفس في ذلك مدخل ظاهر، ومع ذلك إذا وجه القصد في تلك الحالة إلى ابتغاء الثواب حصل له بفضل الله، وقد وقع ما هو أصرح في هذا المراد من وضع اللقمة، وهو ما أخرجه مسلم عن أبي ذر فذكر حديثًا فيه:"وفي بضع أحدِكم صدقة" قالوا: يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر؟ قال:"نعم، أرأيتم لو وضعها في حرام .. الحديث".
قال: وإذا كان هذا في هذا المحل مع ما فيه من حظ النفس، فما الظن بغيره مما لا حظ للنفس فيه. قال: وتمثيله عليه الصلاة والسلام باللقمة مبالغة في تحقيق هذه القاعدة، لأنه إذا ثبت الأجر في لقمة واحدة لزوجة غير مضطرة، فما الظن بمن أطعم لقمًا لمحتاج، أو عمل من الطاعات ما مشقته فوق مشقة ثمن اللقمة الذي هو من الحقارة بالمحل الأعلى.
وبيان هذا أن يقال: وإذا كان هذا في حق الزوجة مع مشاركة الزوج لها في النفع بما يطعمها، لأن ذلك يؤثر في حسن بدنها، وهو ينتفع منها بذلك، وأيضًا فالأغلب أن الإنفاق على الزوجة يقع بداعية النفس، بخلاف غيرها، فإنه يحتاج إلى مجاهدتها.
وفهم من قوله:"تبتغي بها وجه الله تعالى" أن المرائي بفعل الواجب غير مثاب، وإن سقط عقابه بفعله، كما قاله الكِرماني، قال العيني: سقوط العقاب مطلقًا غير صحيح، بل الصحيح التفصيل فيه، وهو أن العقاب الذي يترتب على ترك الواجب يسقط، لأنه أتى بعين الواجب، ولكنه كان